ونوموا حوله ففعلنا ذلك، وجمعنا المتاع حتى ارتفع ودرنا حوله وبات عتبة فوق المتاع فجاء الأسد فشم وجوهنا ثم وثب فإذا هو فوق المتاع فقطع رأسه، فقال:
سيفي يا كلب ولم يقدر على غير ذلك.
وفي رواية: فضربه (1) بيده ضربة واحدة فخدشه، فقال: قتلني، فمات من ساعته وطلبنا الأسد فلم نجده.
وإنما سماه النبي صلى الله عليه وآله كلبا لأنه شبهه (2) في رفع رجله عند البول.
وروى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وآله قال: فر من المجذوم فرارك من الأسد (3).
وفي حديث آخر أنه صلى الله عليه وآله أخذ بيد مجذوم وقال: " بسم الله ثقة بالله وتوكلا عليه " وأدخلها معه الصحفة.
قال الشافعي في عيوب الزوجين: إن الجذام والبرص يعدي، وقال: إن ولد المجذوم قل ما يسلم منه.
قلت: معنى قوله: إنه يعدي أي بتأثير الله تعالى لا بنفسه، لان الله تعالى أجرى العادة بابتلاء السليم عند مخالطة المبتلى، وقد يوافق قدرا وقضاءا فيظن أنه عدوى وقد قال صلى الله عليه وآله: " لا عدوى ولا طيرة " وقوله في الولد: " قل ما يسلم منه " فقد قال الصيدلاني: معناه أن الولد قد ينزعه عرق من الأب فيصير أجذم، وقد قال صلى الله عليه وآله لرجل - قد قال له: إن امرأتي ولدت غلاما أسود -: لعل عرقا نزعه.
وبهذا الطريق يحصل الجمع بين هده الأحاديث، وجاء في الحديث أنه صلى الله عليه وآله قال: " لا يورد ذو عاهة على مصح " والذي ذكره أنه صلى الله عليه وآله أتاه مجذوم ليبايعه فلم