وجعلنا لكم قبلها (1) والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شئ موزون. وجعلنا لكم فيها معايش " تعيشون بها، وفي المجمع: أي خلقنا لكم في الأرض معايش من زرع أو نبات، وقيل: معناه أي مطاعم ومشارب تعيشون بها، وقيل: هي التصرف في أسباب الرزق في مدة الحياة " ومن لستم له برازقين " يعني العبيد و الدواب يرزقهم الله تعالى ولا ترزقونهم (2).
وقال البيضاوي: عطف على " معايش " أو محل " لكم ".
" فأسقيناكموه " أي جعلناه لكم سقيا " وما أنتم له بخازنين " أي بحافظين و لا محرزين بل الله يحفظه ثم يرسله من السماء ثم يحفظه في الأرض ثم يخرجه من العيون بقدر الحاجة. (3) " وإن لكم في الانعام لعبرة " قال البيضاوي: أي دلالة يعبر بها من الجهل إلى العلم " نسقيكم مما في بطونه " استيناف لبيان العبرة وإنما ذكر الضمير ووحده هنا للفظه وأنثه في سورة المؤمنين للمعنى، فان الانعام اسم جمع، ومن قال: إنه جمع نعم جعل الضمير للبعض فان اللبن لبعضها دون جميعها، أو الواحدة أوله على المعنى فان المراد به الجنس وقرأ جماعة بالفتح " من بين فرث ودم لبنا " فإنه يخلق من بعض الاجزاء الدم المتولد من الاجزاء اللطيفة التي في الفرث، وهي الأشياء المأكولة المنهضمة بعض الانهضام في الكرش، وعن ابن عباس أن البهيمة إذا انعلفت وانطبخ العلف في كرشها كان أسفله فرثا وأوسطه لبنا وأعلاه دما، ولعله إن صح فالمراد أو وسطه يكون مادة اللبن وأعلاه مادة الدم الذي يغذي البدن، لأنهما لا يتكونان في الكرش ويبقى ثفله وهو الفرث ثم يمسكها ريثما يهضمها هضما ثانيا فيحدث أخلاط أربعة معها مائية فيميز القوة المميزة تلك المائية مما زاد على قدر الحاجة من المريتين وتدفعها إلى الكلية والمرارة والطحال، ثم يوزع الباقي على الأعضاء بتجبنها فيجري