أمره أنه ينام بإحدى عينيه (1) والأخرى يقظي حتى تكتفي العين النائمة من النوم ثم يفتحها وينام بالأخرى ليحترس باليقظي وتستريح النائمة، ومتى وطئ ورق العنصل مات من ساعته، وعداوته للغنم بحيث أنه إذا اجتمع جلد شاة مع جلد ذئب تمعط جلد الشاة، والذئب إذا غلب عليه الجوع عوى فتجتمع له الذئاب ويقف بعضها إلى بعض فمن ولي منها وثب الباقون عليه فأكلوه، وإذا عرض للانسان وخاف العجز عنه عوا عواء استغاثة فتسمعه الذئاب فتقبل على الانسان إقبالا واحدا وهم سواء في الحرص على أكله، فان أدمى الانسان واحدا منها وثب الباقون على المدمى فمزقوه وتركوا الانسان.
وروى الحاكم في مستدركه عن أبي سعيد قال: بينما راع يرعى بالحرة إذ عدا الذئب على شاة فحال الراعي بين الذئب وبينها فأقعى الذئب على ذنبه وقال: يا عبد الله تحول بيني وبين رزق ساقه الله إلي، فقال الرجل: يا عجباه ذئب يكلمني، فقال:
ألا أخبرك بأعجب مني؟ رسول الله صلى الله عليه وآله بنى الحرتين يخبر الناس بأنباء ما سبق فزوى الراعي شياهه إلى زاوية من زوايا المدينة ثم أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الناس فقال: صدق والذي نفسي بيده.
قال ابن عبد البر وغيره: كلم الذئب من الصحابة ثلاثة: رافع بن عميرة، وسلمة بن الأكوع، وأهبان بن أوس الأسلمي، قال: ولذلك تقول العرب: هو كذئب أهبان، يتعجبون منه، وذلك أن أهبان بن أوس المذكور كان في غنم له فشد الذئب على شاة منها فصاح به أهبان فأقعى له الذئب وقال: أتنزع مني رزقا رزقنيه الله تعالى؟ فقال أهبان: ما سمعت ولا رأيت أعجب من هذا ذئب يتكلم؟
فقال (3): أتعجب من هذا ورسول الله صلى الله عليه وآله بين هذه النخلات - وأومأ بيده إلى