الغارات - إبراهيم بن محمد الثقفي - ج ١ - الصفحة ٢٣٩
ذكر الموت فإنه هادم اللذات 1 حائل بينكم وبين الشهوات.
واعلموا عباد الله أن ما بعد الموت أشد من الموت لمن لم يغفر الله له ويرحمه، واحذروا القبر وضمته وضيقه وظلمته وغربته، فإن القبر يتكلم كل يوم ويقول:
أنا بيت التراب، وأنا بيت الغربة، وأنا بيت الدود والهوام، والقبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، إن المسلم 2 إذا دفن قالت له الأرض: مرحبا وأهلا قد كنت ممن أحب أن يمشي 3 على ظهري فإذ وليتك فستعلم كيف صنعي 4 بك، فيتسع له مد البصر 5، وإذا دفن الكافر قالت له الأرض: لا مرحبا ولا أهلا، قد كنت ممن أبغض أن تمشي 6 على ظهري فإذا وليتك فستعلم كيف صنعي 7 بك، فتنضم عليه 8 حتى تلتقي أضلاعه، واعلموا أن المعيشة الضنك التي قال الله تعالى: فإن له معيشة ضنكا 9 هي عذاب القبر، وإنه ليسلط على الكافر في قبره تسعة وتسعين تنينا 10 تنهش لحمه حتى 11 يبعث، لو أن تنينا منها نفخ في الأرض ما أنبتت ريعها 12 أبدا.

1 - نظير قوله الآخر في نهج البلاغة: " فإن الموت هادم لذاتكم، ومنغص شهواتكم ".
وقوله (ع): " هادم " المعروف أن الكلمة بالدال المهملة ويمكن أن تقرأ بالذال المعجمة كما قيل من قولهم " هذمه أي قطعه بسرعة أو أكله بسرعة " ولا يخفى لطفه.
2 - في المجالسين: " إن العبد المؤمن ".
3 - في غالب الكتب المشار إليها: " تمشي ".
4 - في الأصل: " وستعلم إن وليتك كيف صنيعي بك ".
5 - في غير الأصل: " مد بصره ".
6 - في البحار وشرح النهج وأمالي ابن الشيخ: " أن تمشي ".
7 - في الأمالي للمفيد: " صنيعي ".
8 - في الأمالي للمفيد: " فتضمه ".
9 - من آية 124 سورة طه.
10 - في شرح النهج: " حيات عظام " وفي البحار: " حيات تسعة وتسعين عظام ".
11 - في أمالي المفيد: " فينهشن لحمه ويكسرن عظمه ويترددن عليه كذلك إلى يوم ".
12 - في شرح النهج: " ما أنبتت الزرع " وفي البحار: " ما أنبتت الزرع ريعها ".
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»
الفهرست