الغارات - إبراهيم بن محمد الثقفي - ج ١ - الصفحة ٣٦
دارت أعينكم كأنكم من الموت في سكرة 1 يرتج عليكم 2 فتبكمون، فكأن قلوبكم مألوسة 3 فأنتم لا تعقلون، وكأن أبصاركم كمه فأنتم لا تبصرون، لله أنتم!؟ ما أنتم إلا أسود الشرى في الدعة وثعالب رواغة حين تدعون 4، ما أنتم بركن يصال به 5، ولا زوافر عز يعتصم إليها، لعمر الله لبئس حشاش نار الحرب أنتم، إنكم تكادون ولا تكيدون، وتنتقص أطرافكم ولا تتحاشون، ولا ينام عنكم وأنتم في غفلة ساهون، إن أخا الحرب اليقظان، أودى من غفل، ويأتي 6 الذل من وادع 7، غلب المتخاذلون 8

١ - بعض فقرات هذه القسمة أيضا مذكورة في خطبة من خطب نهج البلاغة معنونة بقول السيد الرضي (ره): " ومن خطبة له عليه السلام في استنفار الناس إلى أهل الشام " والعبارة فيها هكذا: " إذا دعوتكم إلى جهاد عدوكم دارت أعينكم كأنكم من الموت في غمرة ومن الذل في سكرة (إلى آخر الخطبة) " فقال ابن أبي الحديد في شرحه (ج ١، ص ١٧٨):
" قوله: دارت أعينكم من قوله تعالى: ينظرون إليك نظر المغشى عليه من الموت، ومن قوله: تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت ".
٢ قال ابن أبي الحديد في شرح عبارة نهج البلاغة: " يرتج عليكم حواري فتعمهون ": " يرتج يغلق، والحوار المحاورة والمخاطبة، وتعمهون من العمة وهو التحير والتردد، الماضي عمه بالكسر ". وفي أساس البلاغة: " أرتج الباب أغلقه إغلاقا وثيقا، ومن المجاز: صعد المنبر فأرتج عليه إذا استغلق عليه الكلام " وفي النهاية: " في حديث ابن عمر: أنه صلى بهم المغرب فقال: ولا الضالين، ثم أرتج عليه، أي استغلقت عليه القراءة ".
٣ - قال ابن أبي الحديد في شرحه: " وقلوبكم مألوسة، من الألس بسكون اللام وهو الجنون واختلاط العقل ".
٤ - يأتي شرح لبعض فقرات هذه الخطبة في تعليقات آخر الكتاب إن شاء الله تعالى.
(أنظر التعليقة رقم ١٠).
٥ - كذا في تأريخ الطبري لكن في الأصل: " بركن يصال له " وفي النهج: " وما أنتم بركن يمال بكم " وقال ابن أبي الحديد في شرحه: " أي لستم بركن يستند إليكم ويمال على العدو بعزكم وقوتكم ".
أقول: الصحيح ما في المتن وأظن أن كلمة " يمال " في النهج وشرحه مصحفة عنها ومبدلة بها.
٦ - كذا في الأصل صريحا. فليعلم أن عبارة المتن هنا مشوشة جدا وهي في الأصل هكذا: " إن أخا الحرب اليقظان أودا من عقل، ويأتي الذل من وداع " وبدلها في رواية الطبري نقلا عن أبي مخنف (أنظر ص ٥١ ج ٦ من الطبعة الأولى ضمن حوادث سنة سبع وثلاثين): " إن أخا الحرب اليقظان ذو عقل، وبات لذل من وادع " فلتصحح العبارة بالتوجه إلى معنى الموادعة ففي النهاية: " في الحديث: إنه وادع بني فلان أي صالحهم وسالمهم على ترك الحرب والأذى، وحقيقة الموادعة المتاركة أي يدع كل واحد ما هو فيه، ومنه الحديث:
وكان كعب القرظي موادعا لرسول الله - صلى الله عليه وآله " ومع ذلك يحتمل قويا أن يكون " يأتي " مصحف " يأبى " فتأمل.
٧ - في الأصل: " من وداع " فكأن المعنى أن من وادع الجهاد في سبيل الله والدفاع عن حريم الدين عانق الذل، ففي ثامن البحار (ص ٦٥٣، س ٢٤): " إن أخا الحرب اليقظان الأرق، من نام لم ينم عنه، ومن ضعف أودى، ومن ترك الجهاد في الله كان كالمغبون المهين " وسيأتي الإشارة إلى ذلك فيما يأتي من رسالة علي (ع) إلى أصحابه.
8 - في تاريخ الطبري: " المتجادلون " (بالجيم والدال المهملة من الجدل).
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست