المغرب، والآخر خاص لنفسه نحو المشرق كالنملة التي تدور على الرحى، فالرحى تدور ذات اليمين، والنملة تدور ذات الشمال والنملة في ذلك تتحرك حركتين مختلفين: إحداهما بنفسها فتتوجه أمامها، والأخرى مستكرهة مع الرحى تجذبها إلى خلفها.. فاسأل الزاعمين أن النجوم صارت على ما هي عليه بالإهمال، من غير عمد ولا صانع لها ما منعها أن تكون كلها راتبة (1) أو تكون كلها منتقلة، فإن الاهمال معنى واحد (2) فكيف صار يأتي بحركتين مختلفتين على وزن وتقدير؟ ففي هذا بيان أن مسير الفريقين على ما يسيران عليه بعمد وتدبير وحكمة وتقدير، وليس بإهمال كما يزعم المعطلة، فإن قال قائل: ولم صار بعض النجوم راتبا وبعضها منتقلا؟ قلنا: إنها لو كانت كلها راتبة لبطلت الدلالات التي يستدل بها من تنقل المنتقلة، ومسيرها في برج من البروج، كما يستدل بها على أشياء مما يحدث العالم، بتنقل الشمس والنجوم في منازلها، ولو كانت كلها منتقلة، لم يكن لمسيرها منازل تعرف، ولا رسم يوقف عليه، لأنه إنما يوقف عليه بمسير المنتقلة منها بتنقلها البروج الراتبة (3) كما
(٨٣)