مما يحمل الإنسان من مؤنه هذا البدن وتكاليفه لما له في ذلك من المصلحة، فإن اهتمامه بتنظيف بدنه. وأخذ ما يعلوه من الشعر، مما يكسر به شرته (1) ويكف عاديته (2) ويشغله عن بعض ما يخرجه إليه الفراغ من الأشر (3) والبطالة.
(الريق وما فيه من المنفعة) تأمل الريق وما فيه من المنفعة، فإنه جعل يجري جريانا دائما إلى الفم، ليبل الحلق واللهوات (4) فلا يجف، فإن هذه المواضع لو جعلت كذلك، كان فيه هلاك الأسنان ثم كان لا يستطيع أن يسيغ (5) طعاما، إذا لم يكن في الفم بلة تنفذه، تشهد بذلك المشاهدة، واعلم أن الرطوبة مطية الغذاء وقد تجري من هذه البلة إلى مواضع أخر من المرة (6) فيكون في ذلك صلاح تام للإنسان، ولو يبست المرة لهلك الإنسان.
(محاذير كون بطن الإنسان كهيئة القباء) ولقد قال قوم من جهلة المتكلمين وضعفة المتفلسفين بقلة التمييز وقصور العلم: لو كان بطن الإنسان كهيئة القباء (7) يفتحه الطبيب إذا شاء فيعاين ما