الكفاية. ومنها أنه يستريح إلى خلع كسوته إذا شاء ولبسها إذا شاء ومنها أن يتخذ لنفسه من الكسوة ضروبا لها جمال وروعة فيتلذذ بلبسها وتبديلها وكذلك يتخذ بالرفق من الصنعة ضروبا الخفاف (1) والنعال يقي بها قدميه. وفي ذلك معائش لمن يعمله من الناس ومكاسب يكون فيها معائشهم ومنها أقواتهم وأقوات عيالهم. فصار الشعر والوبر والصوف يقوم للبهائم مقام الكسوة والأظلاف (2) والحوافر والاخفاف مقام الحذاء.
(مواراة البهائم عند إحساسها بالموت) فكر يا مفضل في خلقة عجيبة جعلت في البهائم، فإنهم يوارون (3) أنفسهم إذا ماتوا، كما يواري الناس موتاهم، وإلا فأين جيف هذه الوحوش والسباع وغيرها، لا يرى منها شئ، وليست قليلة فتخفى لقلتها؟ بل لو قال قائل: إنها أكثر من الناس لصدق.
فاعتبر في ذلك بما تراه في الصحارى والجبال من أسراب الظباء (4) والمها (5) والحمير الوحش والوعول (6) والأيائل (7) وغير ذلك من الوحوش وأصناف السباع من الأسد والضباع والذئاب والنمور وغيرها، وضروب الهوام والحشرات ودواب الأرض، وكذلك أسراب الطير من الغربان