(الطواحن من أسنان الإنسان) فكر يا مفضل في الطواحن (1)، التي جعلت للإنسان، فبعضها حداد (2) لقطع الطعام وقرضه، وبعضها عراض (3) لمضغه ورضه، فلم ينقص واحد الصفتين، إذ كان محتاجا إليهما جميعا.
(الشعر والأظفار وفائدة قصهما) تأمل واعتبر بحسن التدبير في خلق الشعر والأظفار، فإنهما لما كانا مما يطول ويكثر، حتى يحتاج إلى تخفيفه أولا فأولا، جعلا عديما الحس، لئلا يؤلم الإنسان الأخذ منهما. وكان قص الشعر وتقليم الأظفار مما يوجد له ألم، وقع من ذلك بين مكروهين، أما أن يدع كل واحد منهما حتى يطول فيثقل عليه، وأما أن يخففه بوجع وألم يتألم منه.
قال المفضل فقلت: فلم لم يجعل خلقه لا تزيد فيحتاج الإنسان إلى النقصان منه، فقال عليه السلام: إن لله تبارك اسمه في ذلك على العبد نعما لا يعرفها، فيحمده عليها.. إعلم أن آلام البدن وأدواءه (4) تخرج بخروج الشعر في مسامه (5) وبخروج الأظفار من أناملها، ولذلك أمر الإنسان بالنورة،