قال المفضل: فقلت فلم صار بعض الناس يفقد شيئا من هذه الجوارح فيناله من ذلك مثل ما وصفته يا مولاي؟ قال عليه السلام:
ذلك للتأديب والموعظة لمن يحل ذلك به ولغيره بسببه كما يؤدب الملوك الناس للتنكيل والموعظة، فلا ينكر ذلك عليهم، بل يحمد من رأيهم، ويتصوب من تدبيرهم. ثم إن للذين تنزل بهم هذه البلايا من الثواب بعد الموت - إن شكروا وأنابوا - ما يستصغرون معه ما ينالهم منها، حتى أنهم لو خيروا بعد الموت لاختاروا أن يردوا إلى البلايا ليزدادوا من الثواب.
(الأعضاء المخلوقة أفرادا وأزواجا وكيفية ذلك) فكر يا مفضل في الأعضاء التي خلقت أفرادا وأزواجا، وما في ذلك من الحكمة والتقدير، والصواب في التدبير.
فالرأس مما خلق فردا، ولم يكن للإنسان صلاح في أن يكون له أكثر من واحد. ألا ترى أنه لو أضيف إلى رأس الإنسان رأس آخر لكان ثقلا عليه، من غير حاجة إليه، لأن الحواس التي يحتاج إليها مجتمعة في رأس واحد. ثم كان الإنسان ينقسم قسمين لو كان له رأسان، فإن تكلم من أحدهما كان الآخر معطلا لا أرب فيه ولا حاجة إليه، وإن تكلم منهما جميعا بكلام واحد كان أحدهما فضلا لا يحتاج إليه، وإن تكلم بأحدهما بغير الذي تكلم به من الآخر، لم يدر السامع بأي ذلك يأخذ وأشباه هذا من الاخلاط.
واليدان مما خلق أزواجا، ولم يكن للإنسان خير في أن يكون له يد