(خلق الأصناف الثلاثة من الحيوان) فكر يا مفضل في هذه الأصناف الثلاثة من الحيوان وفي خلقها، على ما هي عليه مما فيه صلاح كل واحد منها. فالإنس لما قدروا أن يكونوا ذوي ذهن وفطنة وعلاج لمثل هذه الصناعات من البناء والتجارة والصياغة والخياطة، وغير ذلك خلقت لهم أكف كبار ذوات أصابع غلاظ ليتمكنوا من القبض على الأشياء، وأوكدها هذه الصناعات.
(آكلات اللحم من الحيوان والتدبير في خلقها) وآكلات اللحم لما قدر أن تكون معائشها من الصيد، خلقت لهم أكف لطاف مدمجة (1) ذوات براثن (2) ومخالب (3) تصلح لأخذ الصيد ولا تصلح للصناعات، وآكلات النبات قدر أن يكونوا، لا ذوات صنعة ولا ذات صيد خلقت لبعضها أظلاف تقيها خشونة الأرض إذا حاولت طلب المرعى، ولبعضها حوافر ململمة (4) ذوات قعر (5) كأخمص القدم تنطبق على الأرض عند تهيئها للركوب والحمولة.
تأمل التدبير في خلق آكلات اللحم من الحيوان، حين خلقت ذوات أسنان حداد، وبراثن شداد، وأشداق (6) وأفواه واسعة، فإنه لما قدر أن