التوحيد - المفضل بن عمر الجعفي - الصفحة ٢٠
والفضول إلى مفائض (1) قد أعدت لذلك فما كان منه من جنس المرة (2) الصفراء جرى إلى المرارة (3) وما كان من جنس السوداء جرى إلى الطحال، وما كان من البلة والرطوبة جرى إلى المثانة (4).
فتأمل حكمة التدبير في تركيب البدن، ووضع هذه الأعضاء منه مواضعها، وإعداد هذه الأوعية فيه، لتحمل تلك الفضول، لئلا تنتشر في البدن فتسقمه وتنهكه، فتبارك من أحسن التقدير، وأحكم التدبير، وله الحمد كما هو أهله ومستحقه.
(أول نشوء الأبدان: تصوير الجنين في الرحم) قال المفضل فقلت: صف نشوء الأبدان ونموها حالا بعد حال حتى تبلغ التمام والكمال، قال عليه السلام: أول ذلك تصوير الجنين في الرحم حيث لا تراه عين ولا تناله يد، ويدبره حتى يخرج سويا مستوفيا جميع ما فيه قوامه وصلاحه من الأحشاء والجوارح والعوامل، إلى ما في تركيب أعضائه من

(1) المفائض: المجاري، مأخوذة من فاض الماء، وفي بعض النسخ بالغين من غاض الماء غيضا، أي نضب وذهب في الأرض.
(2) المرة: بكسر ففتح - خلط من أخلاط البدن وهو الصفراء أو السوداء، جمعه مرار.
(3) المرارة: هنة شبه كيس لاصقة بالكبد تكون فيها مادة صفراء هي المرة أشار إليها الإمام، جمعها مرائر ومرارات.
(4) في كلام الإمام عليه السلام هنا معان صريحة عن الدورة الدموية - التي اكتشفها العالم الانكليزي وليم هارفي (1578 - 1756) بل أن الإمام قد فصل القول - كما نرى هنا - عن جريان الدم في الأوردة والشرايين، وإن مركزه هو القلب، فنستطيع إذن أن نقول بأن الإمام هو المكتشف الأول للدورة الدموية.
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»
الفهرست