(الشمس والقمر والنجوم والبروج تدل على الخالق) فكر هذا الفلك بشمسه وقمره ونجومه وبروجه تدور على العالم هذا الدوران الدائم، بهذا التقدير والوزن لما في اختلاف الليل والنهار وهذه الأزمان الأربعة المتوالية من التنبيه على الأرض وما عليها من أصناف الحيوان والنبات من ضروب المصلحة، كالذي بينت وشخصت لك آنفا وهل يخفى على ذي لب أن هذا تقدير مقدر وصواب وحكمة من مقدر حكيم، قال قائل: إن هذا شئ اتفق أن يكون هكذا؟ فما منعه أن يقول مثل هذا في دولاب (1) يراه يدور ويسقي حديقة شجر ونبات فيرى كل شئ من آلاته مقدرا بعضه يلقي بعضا على ما فيه صلاح تلك الحديقة وما فيها. وبم كان يثبت هذا القول لو قاله. وما ترى الناس كانوا قائلين له لو سمعوه منه؟ أفينكر أن يقول في دولاب خشب مصنوع بحيلة قصيرة لمصلحة قطعة من الأرض، إنه كان بلا صانع ومقدر، ويقدر أن يقول في هذا الدولاب الأعظم، المخلوق بحكمة تقصر عنها أذهان البشر، لصلاح جميع الأرض وما عليها إنه شئ اتفق أن يكون بلا صنعة ولا تقدير لو اعتل هذا الفلك، كما تعتل الآلات التي تتخذ للصناعات وغيرها، أي شئ كان عند الناس من الحيلة في إصلاحه.
(مقادير الليل والنهار) فكر يا مفضل في مقادير النهار والليل، كيف وقعت على ما فيه صلاح هذا الخلق، فصار منتهى كل واحد منهما - إذا امتد - إلى خمس عشرة ساعة لا يجاوز ذلك (2) أفرأيت لو كان النهار يكون مقداره مائة ساعة أو مائتي ساعة؟ ألم