يستدل على سير السائر على الأرض بالمنازل التي يجتاز عليها أو لو كان تنقلها بحال واحد لاختلاط نظامها، وبطلت المآرب فيها، ولساغ القائل أن يقول إن كينونتها على حال واحدة توجب عليها الاهمال من الجهة التي وصفنا، ففي اختلاف سيرها وتصرفها وفي ذلك من المآرب والمصلحة، أبين دليل على العمد والتدبير فيها.
(فوائد بعض النجوم) فكر في هذه النجوم التي تظهر في بعض السنة وتحتجب بعضها كمثل الثريا (1) والجوزاء (2) والشعريين (3) وسهيل (4)، فإنها لو كانت بأسرها تظهر في وقت واحد لم يكن لواحد فيها على حياله دلالات يعرفها الناس، ويهتدون بها لبعض أمورهم، كمعرفتهم الآن بما يكون من طلوع الثور (5) والجوزاء إذا طلعت، واحتجابها إذا احتجبت، فصار ظهور كل واحد واحتجابه في وقت الوقت غير الوقت الآخر، لينتفع الناس بما يدل عليه كل واحد على حدته، وما جعلت الثريا وأشباهها تظهر حينا وتحتجب حينا إلا لضرب من المصلحة، وكذلك جعلت بنات نعش (6) ظاهرة لا تغيب لضرب آخر من المصلحة، فإنها بمنزلة الأعلام التي يهتدي بها الناس في البر والبحر للطرق المجهولة، وكذلك