وحافظ له، ينتقل على الحيطان والسطوح في ظلمة الليل لحراسة منزل صاحبه وذب الذعار عنه، ويبلغ من محبته لصاحبه أن يبذل نفسه للموت دونه ودون ماشيته وماله ويألفه غاية الألف (1) حتى يصبر معه على الجوع والجفوة... فلم طبع الكلب على هذه الألفة والمحبة؟ إلا ليكون حارسا للإنسان له عين (2) بأنياب (3) ومخالب، ونباح هائل، ليذعر منه السارق، ويتجنب المواضع التي يحميها ويخفرها (4).
(وجه الدابة وفمها وذنبها وشرح ذلك) يا مفضل تأمل وجه الدابة كيف هو...؟ فإنك ترى العينين شاخصتين أمامها لتبصر ما بين يديها، لئلا تصدم حائطا، أو تتردى في حفرة وترى الفم مشقوقا شقا في أسفل الخطم (5) ولو شق كمكان الفم من الإنسان في مقدم الذقن، لما استطاع أن يتناول به شيئا من الأرض ألا ترى أن الإنسان لا يتناول الطعام بفيه ولكن بيده، تكرمة له على سائر الآكلات، فلما لم يكن للدابة يد تتناول بها العلف جعل خرطومها (6) مشقوقا من أسفله، لتقبض على العلف ثم تقضمه، واعينت بالجحفلة (7) لتتناول بها ما قرب وما بعد... اعتبر بذنبها والمنفعة لها فيه، فإنه بمنزلة الطبق (8) على الدبر والحياء جميعا، يواريهما ويسترهما، ومن منافعها فيه أن ما يبين