(الجراد وبلاؤه) أنظر إلى هذا الجراد ما أضعفه وأقواه!. فإنك إذا تأملت خلقه رأيته كأضعف الأشياء وإن دلفت (1) عساكره نحو بلد من بلدان لم يستطع أحد أن يحميه منه.. ألا ترى أن ملكا من ملوك الأرض لو جمع خيله ورجله (2) ليحمي بلاده من الجراد لم يقدر على ذلك. أفليس من الدلائل على قدرة الخالق أن يبعث أضعف خلقه، إلى أقوى خلقه فلا يستطيع دفعه.
(كثرة الجراد) أنظر إليه كيف ينساب على وجه الأرض مثل السيل فيغشى السهل، والجبل والبدو والحضر، حتى يستر نور الشمس بكثرته، فلو كان هذا مما يصنع بالأيدي، متى كان تجتمع منه هذه الكثرة؟ وفي كم سنة كان يرتفع؟ فاستدل بذلك على القدرة التي لا يؤدها شئ، ولا يكثر عليها.
(وصف السمك) تأمل خلق السمك ومشاكلته للأمر الذي قدر أن يكون عليه، فإنه خلق غير ذي قوائم، لأنه لا يحتاج إلى المشي، إذ كان مسكنه الماء وخلق غير ذي رية، لأنه لا يستطيع أن يتنفس وهو منغمس في اللجة، وجعلت له مكان القوائم أجنحة شداد يضرب بها في جانبيه، كما يضرب الملاح