حاجته... فمن ذا الذي عوضه مكان العضو الذي عدم ما يقوم مقامه إلا الرؤوف بخلقه؟ وكيف يكون هذا بالإهمال - كما قالت الظلمة -؟ فإن قال قائل: فما باله لم يخلق ذا عنق كسائر الأنعام؟ قيل إن رأس الفيل وأذنيه أمر عظيم، وثقل ثقيل، فلو كان ذلك على عنق عظيم، لهدها وأوهنها، فجعل رأسه ملصقا بجسمه لكيلا يناله منه ما وصفناه، وخلق له مكان العنق هذا المشفر ليتناول غذاءه، فصار مع عدم العنق - مستوفيا ما فيه بلوغ حاجته.
(حياء الأنثى من الفيلة) أنظر الآن كيف جعل حياء الأنثى من الفيلة في أسفل بطنها؟ فإذا هاجت للضراب ارتفع وبرز، حتى يتمكن الفحل من ضربها.. فاعتبر كيف جعل حياء الأنثى من الفيلة على خلاف ما عليه في غيرها من الأنعام ثم جعلت فيه هذه الخلة ليتهيأ للأمر الذي فيه قوام النسل ودوامه.
(الزرافة وخلقتها وكونها ليست من لقاح أصناف شتى) فكر في خلق الزرافة، واختلاف أعضائها، وشبهها بأعضاء أصناف من الحيوان. فرأسها رأس فرس، وعنقها عنق جمل، وأظلافها أظلاف بقرة، وجلدها جلد نمر.
وزعم ناس من الجهال بالله عز وجل: إن نتاجها من فحول شتى، قالوا: وسبب ذلك أن أصنافا من حيوان البر إذا وردت الماء تنزو على بعض السائمة، وينتج مثل الشخص الذي هو كالملتقط من أصناف شتى وهذا جهل من قائله، وقلة معرفة بالباري جل قدسه، وليس كل صنف من الحيوان يلقح كل صنف، فلا الفرس يلقح الجمل، ولا الجمل يلقح