والثعلب إذا اعوزه الطعم، تماوت ونفخ بطنه، حتى يحسبه الطير ميتا، فإذا وقعت عليه لتنهشه، وثب عليها فأخذها. فمن أعان الثعلب العديم النطق والروية بهذه الحيلة، إلا من توكل بتوجيه الرزق له من هذه وشبهه. فإنه لما كان الثعلب يضعف عن كثير مما تقوى عليه السباع من مساورة الصيد، أعين بالدهاء والفطنة والاحتيال لمعاشه.
والدلفين (1) يلتمس صيد الطير، فيكون حيلته في ذلك أن يأخذ السمك فيقتله ويسرحه (2) حتى يطفو على الماء ثم يكمن تحته ويثور الماء الذي عليه حتى لا يتبين شخصه، فإذا وقع الطير على السمك الطافي وثب إليها فاصطادها.
فانظر إلى هذه الحيلة كيف جعلت طبعا في هذه البهيمة لبعض المصلحة.
(التنين والسحاب) قال المفضل فقلت: أخبرني يا مولاي عن التنين (3) والسحاب، فقال عليه السلام، إن السحاب كالموكل به، يختطفه حيثما ثقفه (4)، كما يختطف حجر المغناطيس الحديد، فهو لا يطلع رأسه في الأرض خوفا من السحاب، ولا يخرج إلا في القيظ (5) مرة إذا صحت السماء فلم يكن فيها