* (المجلس الأول) * (قال المفضل): فانصرفت عنده فرحا مسرورا، وطالت علي تلك الليلة انتظارا وعدني به، فلما أصبحت غدوت فاستؤذن لي فدخلت وقمت بين يديه، فأمرني بالجلوس، فجلست، ثم نهض إلى حجرة كان يخلو فيها، ونهضت بنهوضه، فقال: اتبعني، فتبعته، فدخل ودخلت خلفه، فجلس وجلست بين يديه، فقال: يا مفضل كأني بك وقد طالت عليك هذه الليلة انتظارا لما وعدتك، فقلت: أجل يا مولاي، فقال: يا مفضل إن الله تعالى كان ولا شئ قبله، وهو باق ونهاية له، فله الحمد على ما ألهمنا، والشكر على منحنا، فقد خصنا من العلوم بأعلاها ومن المعالي بأسناها، واصطفانا على جميع الخلق بعلمه، وجعلنا مهيمنين (1)، عليهم بحكمه، فقلت: يا مولاي أتأذن لي أن أكتب ما تشرحه - وكنت أعددت معي ما أكتب فيه - فقال لي: إفعل مفضل.
(جهل الشكاك بأسباب الخلقة ومعانيها) إن الشكاك جهلوا الأسباب والمعاني في الخلقة، وقصرت أفهامهم عن