(التدبير والمصلحة في الفصول الأربعة من السنة) ثم فكر بعد هذا في ارتفاع الشمس وانحطاطها لإقامة هذه الأزمنة الأربعة من السنة وما في ذلك من التدبير والمصلحة، ففي الشتاء تعود الحرارة في الشجر والنبات، فيتولد فيهما مواد الثمار، ويتكثف (2) الهواء فينشأ منه السحاب والمطر، وتشتد أبدان الحيوان وتقوى، وفي الربيع تتحرك وتظهر المواد المتولدة في الشتاء، فيطلع النبات، وتنور (3) الأشجار ويهيج الحيوان للسفاد، وفي الصيف يحتدم الهواء فتنضج الثمار، وتتحلل فضول الأبدان، ويجف وجه الأرض، فتهيأ للبناء والأعمال، وفي الخريف يصفو الهواء، وترتفع الأمراض، وتصح الأبدان، ويمتد الليل فيمكن فيه بعض الأعمال لطوله، ويطيب الهواء فيه إلى مصالح أخرى لو تقصيت لذكرها لطال فيها الكلام.
(معرفة الأزمنة والفصول الأربعة عن طريق حركة الشمس) فكر الآن في تنقل الشمس في البروج الاثني عشر (4) لإقامة دور السنة وما في ذلك من التدبير. فهو الدور الذي تصح الأزمنة الأربعة من السنة " الشتاء والربيع والصيف والخريف " تستوفيها على التمام، وفي هذا المقدار من دوران الشمس تدرك الغلات والثمار، وتنتهي إلى غاياتهم ثم تعود فيستأنف النشو والنمو.. ألا ترى أن السنة مقدار مسير الشمس من الحمل إلى