ويحرث به؟ والفرس الكريم يركب (1) السيوف والأسنة بالمواتاة لفارسه والقطيع من الغنم يرعاه واحد، ولو تفرقت الغنم فأخذ كل واحد منها في ناحية لم يلحقها. وكذلك جميع الأصناف المسخرة للإنسان.. كانت كذلك؟ إلا بأنها عدمت العقل والروية، فإنها لو كانت تعقل وتتروى في الأمور كانت خليقة أن تلتوي على الإنسان في كثير من مآربه حتى يمتنع الجمل على قائده والثور على صاحبه، وتتفرق الغنم عن راعيها وأشباه هذا من الأمور.
(افتقاد السباع للعقل والروية وفائدة ذلك) وكذلك هذه السباع لو كانت ذات عقل وروية فتوازرت (2) على الناس، كانت خليقة أن تجتاحهم، فمن كان يقوم للأسد والذئاب والنمور والدببة، لو تعاونت وتظاهرت على الناس؟... أفلا ترى كيف حجر (3) ذلك عليها وصارت مكان ما كان يخاف من أقدامها ونكايتها، تهاب مساكن الناس وتحجم عنها، ثم لا تظهر ولا تنتشر لطلب قوتها إلا بالليل، فهي مع صولتها كالخائف من الأنس بل مقموعة (4) ممنوعة منهم ولو كان ذلك لساورتهم في مساكنهم وضيقت عليهم.
(عطف الكلب على الإنسان ومحاماته عنه) ثم جعل في الكلب من بين هذه السباع عطف على مالكه ومحاماة عنه.