(اختلاف ألوان الطير وعلة ذلك) قال المفضل فقلت: إن قوما من المعطلة يزعمون أن اختلاف الألوان والأشكال في الطير إنما يكون من قبل إمتزاج الاخلاط، واختلاف مقاديرها المرج (1) والأهمال.
قال: يا مفضل هذا الوشي الذي تراه في الطواويس والدراج (2) والتدارج على استواء ومقابلة، كنحو ما يخط بالأقلام، كيف يأتي به الامتزاج المهمل على شكل واحد لا يختلف، ولو كان بالإهمال لعدم الاستواء ولكان مختلفا.
(ريش الطائر ووصفه) تأمل ريش الطير وكيف هو...؟ فإنك تراه منسوجا كنسج الثوب من سلوك (3) دقاق، قد ألف بعضه إلى بعض، كتأليف الخيط إلى الخيط والشعرة إلى الشعرة، ثم ترى ذلك النسج إذا مددته ينفتح قليلا ولا ينشق لتداخله الريح، فيقل الطائر إذا طار، وترى في وسط الريشة عمودا غليظا متينا قد نسج عليه الذي هو مثل الشعر ليمسكه بصلابته، وهو القصبة التي في وسط الريشة، وهو مع ذلك أجوف، ليخف على الطائر ولا يعوقه عن الطيران.