عاملا إلا من جعله محتاجا؟ ومن جعله محتاجا من ضربه بالحاجة؟ (1).
ومن ضربه بالحاجة إلا من توكل بتقويمه؟ (2) ومن خصه بالفهم إلا من أوجب الجزاء؟ ومن وهب الحيلة إلا من ملكه الحول (3) ومن ملكه الحول إلا من ألزمه الحجة؟ ومن يكفيه ما لا تبلغه حيلته إلا من يبلغ مدى شكره.
فكر وتدبر ما وصفته. هل تجد الاهمال يأتي مثل هذا النظام والترتيب تبارك الله تعالى عما يصفون.
(الفؤاد وثقبه المتصلة بالرئة) أصف لك الآن يا مفضل الفؤاد... إعلم أن فيه ثقبا موجهة نحو الثقب التي في الرئة تروح عن الفؤاد، حتى لو اختلفت تلك الثقب وتزايل بعضها عن بعض، لما وصل الروح إلى الفؤاد، ولهلك الإنسان أفيستجيز ذو فكرة وروية أن يزعم مثل هذا يكون بالإهمال، ولا يجد شاهدا من نفسه يزعه (4) عن هذا القول؟ لو رأيت فردا من مصراعين فيه كلوب (5) أكنت تتوهم أنه جعل كذلك بلا معنى؟ بل كنت تعلم ضرورة أنه مصنوع يلقى فردا آخر، فيبرزه ليكون اجتماعهما ضرب من المصلحة. وهكذا تجد الذكر من الحيوان، كأنه فرد من زوج مهيأ من فرد أنثى، فيلتقيان فيه من دوام النسل وبقائه، فتبا (6) وخيبة وتعسا لمنتحلي الفلسفة كيف عميت قلوبهم عن هذه