(محاورة المفضل مع أبي العوجاء) (قال المفضل): فلم أملك نفسي غضبا وغيظا وحنقا، فقلت: يا عدو الله ألحدت في دين الله، وأنكرت الباري جل قدسه الذي خلقك في أحسن تقويم، وصورك في أتم صوره، ونقلك في أحوالك حتى بلغ حيث انتهيت.
فلو تفكرت في نفسك وصدقك (1) لطيف حسك، لوجدت دلائل الربوبية وآثار الصنعة فيك قائمة، وشواهده جل وتقدس في خلقك واضحة، وبراهينه لك لائحة، فقال: يا هذا إن كنت من أهل الكلام كلمناك، فإن ثبتت لك حجة تبعناك، وإن لم تكن منهم فلا كلام لك، وإن كنت من أصحاب جعفر بن محمد الصادق فما هكذا تخاطبنا، ولا بمثل دليلك تجادل فينا، ولقد سمع من كلامنا أكثر مما سمعت، فما أفحش خطابنا، ولا تعدى في جوابنا وأنه الحليم الرزين، العاقل الرصين، لا يعتريه خرق (2)، ولا طيش ولا نزق (3) يسمع كلامنا، ويصغي إلينا ويتعرف حجتنا، حتى إذا استفرغنا (4) ما عندنا، وظنننا قطعناه، دحض حجتنا بكلام يسير، وخطاب قصير، يلزمنا الحجة، ويقطع العذر، ولا نستطيع لجوابه ردا، فإن من أصحابه فخاطبنا بمثل خطابه.
(سبب إملاء الكتاب المفضل قال المفضل: فخرجت من المسجد محزونا مفكرا فيما بلي به الإسلام