فيه، ويدخل يده فيعالج ما أراد علاجه ألم يكن أصلح من أن يكون مصمتا (1) محجوبا عن البصر واليد، لا يعرف ما فيه إلا بدلالات غامضة، كمطل النظر إلى البول، وجس العرق، وما أشبه ذلك مما يكثر فيه الغلط والشبهة، حتى ربما كان ذلك سببا للموت، فلو علم هؤلاء الجهلة أن هذا لو هكذا، كان أول ما فيه إن كان يسقط عن الإنسان الوجل من الأمراض والموت وكان يستشعر البقاء ويغتر بالسلامة فيخرجه ذلك إلى العتو (2) والأشر (3). ثم كانت الرطوبات في البطن تترشح وتتحلب (4) فيفسد على الإنسان مقعده ومرقده وثياب بدلته وزينته، بل كان يفسد عيشه، ثم إن المعدة والكبد والفؤاد إنما تفعل أفعالها بالحرارة الغريزية التي جعلها الله محتبسة في الجوف، فلو كان في البطن فرج ينفتح حتى يصل البصر إلى رؤيته، واليد إلى علاجه، لوصل برد الهواء إلى الجوف، فمازج الحرارة الغريزية، وبطل عمل الأحشاء، فكان في ذلك هلاك الإنسان، أفلا ترى أن كل ما تذهب إليه الأوهام - سوى ما جاءت به الخلقة - خطأ وخطل (5).
(أفعال الإنسان في الطعم والنوم والجماع وشرح ذلك) فكر يا مفضل في الأفعال جعلت في الإنسان من الطعم والنوم والجماع وما دبر فيها... فإنه جعل لكل واحد منها في الطباع نفسه محرك