اللبن مع ولادته ألم يكن سيموت جوعا أو يغتذي بغذاء لا يلائمه، ولا يصلح عليه بدنه، ولو لم تطلع له الأسنان في وقتها ألم يكن سيمتنع عليه مضغ الطعام وإساغته. أو يقيمه على الرضاع فلا يشتد بدنه ولا يصلح لعمل؟ ثم كان يشغل أمه بنفسه عن تربية غيره من الأولاد، (حال من لا ينبت في وجهه الشعر وعلة ذلك) ولو لم يخرج الشعر في وجهه في وقته ألم يكن سيبقى هيئة الصبيان والنساء، فلا ترى له جلالة ولا وقارا؟
قال المفضل فقلت له: يا مولاي فقد رأيت من يبقى حالته ولا ينبت الشعر في وجهه وإن بلغ الكبر، فقال (ع): (ذلك بما قدمت أيديكم وإن الله ليس بظلام للعبيد) (1) فمن هذا الذي يرصده (2) حتى يوافيه بكل شئ من هذه المآرب إلا الذي أنشأه خلقا، بعد إن لم يكن، ثم توكل له بمصلحته بعد إن كان، فإن كان الإهمال يأتي بمثل هذا التدبير، فقد يجب أن يكون العمد والتقدير يأتيان بالخطأ والمحال، لأنهما ضد الإهمال وهذا فظيع من القول وجهل من قائله. لأن الإهمال لا يأتي بالصواب والتضاد لا يأتي بالنظام (3) تعالى الله عما يقول الملحدون علوا كبيرا.