والشعاع.. وقال آخرون هو سحابة.. وقال آخرون جسم زجاجي، يقل نارية في العالم، ويرسل عليه شعاعها.. وقال آخرون هو صفو لطيف ينعقد ماء البحر.. وقال آخرون هو أجزاء كثيرة مجتمعة من النار.. وقال آخرون هو من جوهر خامس سوى الجواهر الأربعة: ثم اختلفوا في شكلها..
فقال بعضهم هي بمنزلة صفيحة عريضة.. وقال آخرون هي كالكرة المدحرجة.. وكذلك اختلفوا في مقدارها.. فزعم بعضهم أنها مثل الأرض سواء... وقال آخرون بل هي أقل من ذلك. وقال آخرون بل هي أعظم من الجزيرة العظيمة. وقال أصحاب الهندسة هي أضعاف الأرض مائة وسبعين مرة... ففي اختلاف هذه الأقاويل منهم في الشمس، دليل على أنهم لم يقفوا على الحقيقة من أمرها، فإذا كانت هذه الشمس التي يقع عليها البصر، ويدركها الحس، قد عجزت العقول عن الوقوف على حقيقتها، فكيف ما لطف عن الحس واستتر عن الوهم؟.. فإن قالوا: ولم استتر؟ قيل لهم: لم يستتر بحيلة يخلص إليها، كمن يحتجب من الناس بالأبواب والستور. وإنما معنى قولنا استتر إنه لطف عن مدى ما تبلغه الأوهام، كما لطفت النفس.
وهي خلق من خلقه. وارتفعت عن إدراكها بالنظر.. فإن قالوا ولم لطف تعالى عن ذلك علوا كبيرا؟ كان ذلك خطأ من القول، لأنه لا يليق بالذي هو خالق كل شئ إلا أن يكون مباينا لكل شئ، متعاليا عن شئ سبحانه وتعالى.
(الحق الذي تطلب معرفته من الأشياء أربعة أوجه وتفصيل ذلك) فإن قالوا: كيف يعقل أن يكون مباينا لكل شئ متعاليا عن كل شئ؟
قيل لهم: الحق الذي تطلب معرفته من الأشياء هو أربعة أوجه، فأولها أن ينظر أموجود هو أم ليس بموجود، والثاني أن يعرف ما هو في ذاته وجوهره؟ والثالث أن يعرف كيف هو وما صفته؟ والرابع أن يعلم لماذا هو ولأي علة؟ فليس من