في هذا الوقت من الاجتماع والافتراق والحركة والسكوت علمنا أنه لم يخل من ذلك قط وانه لو خلا من ذلك فيما مضى كان لا ينكران يبقى على ما كان عليه إلى هذا الوقت فكان لو أخبرنا مخبر عن بعض البلدان النائية فيها أجساما غير مجتمعة ولا مفترقة ولا متحركة ولا ساكنة أن نشك في ذلك ولا نأمن أن يكون صادقا وفي بطلان ذلك دليل على بطلان هذا القول وأيضا فان من أثبت الأجسام غير مجتمعة و لا متفرقة فقد أثبتها غير متقاربة بعضها عن بعض ولا متباعدة بعضها عن بعض وهذه صفة لا تعقل لان الجسمين لابد أن يكون بينهما مسافة وبعد أولا يكون بينهما مسافة ولا بعد ولا سبيل إلى ثالث فلو كان بينهما مسافة وبعد لكانا مفترقين ولو كان لا مسافة بينهما ولا بعد لوجب أن يكونا مجتمعين لان هذا هو حد الاجتماع والافتراق وإذا كان ذلك كذلك فمن أثبت الأجسام غير مجتمعة ولا مفترقة فقد أثبتها على صفة لا يعقل ومن خرج بقوله عن المعقول كان مبطلا
(٥٣)