كان يختص به فصرفه عن خدمته وكان الغلام يعرف ميل علي بن يقطين إلى أبي الحسن موسى " عليه السلام " ويقف على ما يحمله إليه في كل وقت من مال وثياب وألطاف وغير ذلك فسعى به إلى الرشيد فقال أنه يقول بإمامة موسى بن جعفر ويحمل إليه خمس ماله في كل سنة وقد حمل إليه الدراعة التي أكرمه بها أمير المؤمنين في وقت كذا وكذا فاستشاط الرشيد لذلك وغضب غضبا شديدا وقال لأكشفن عن هذه الحال فإن كان الامر كما تقول أزهقت نفسه فانفذ في الوقت بإحضار علي بن يقطين فلما مثل بين يديه قال له: ما فعلت بالدراعة التي كسوتك بها؟ قال: هي يا أمير المؤمنين عندي في سفط مختوم فيها طيب قد احتفظت بها وكلما أصبحت فتحت السفط ونظرت إليها تبركا بها وقبلتها ورددتها إلى موضعها وكلما أمسيت صنعت مثل ذلك، فقال: أحضرها الساعة، قال: نعم يا أمير المؤمنين فاستدعى بعض خدمه، فقال له امض إلى البيت الفلاني من داري وخذ مفتاحه من خازانى فافتحه، ثم افتح الصندوق الفلاني فجئني بالسفط الذي فيه بختمه فلم يلبث الغلام ان جاء بالسفط مختوما فوضع بين يدي الرشيد فأمر بكسر ختمه وفتحه فلما فتح نظر إلى الدراعة فيها بحالها مطوية مدفونة بالطيب، فسكن الرشيد من غضبه ثم قال لعلي بن يقطين: ارددها إلى مكانها وانصرف راشدا، فلن أصدق عليك بعدها ساعيا، وأمر ان يتبع بجائزة سنية، وتقدم بضرب الساعي الف سوط فضرب نحو الخمسمائة سوط فمات في ذلك.
(وروى) علي بن أبي حمزة البطايني قال: خرج أبو الحسن موسى الكاظم " عليه السلام " في بعض الأيام من المدينة إلى ضيعة له خارجة عنها فصحبته، وكان " عليه السلام " راكبا بغلة وانا على حمار لي، فلما صرنا في بعض الطريق اعترضنا أسد فأحجمت خوفا، فأقدم أبو الحسن موسى " عليه السلام " غير مكترث به فرأيت الأسد يتذلل لأبي الحسن " عليه السلام " فوقف له أبو الحسن " عليه السلام " كالمصغي إلى همهمته ووضع الأسد يديه على كفل بغلته، وقد همتني نفسي من ذلك وخفت خوفا عظيما، ثم تنحى الأسد إلى جانب الطريق، وحول أبو الحسن موسى وجهه إلى القبلة وجعل يدعو ويحرك شفتيه بما لم افهمه ثم أومأ إلى الأسد بيده ان امض فهمهم الأسد همهمة طويلة، وأبو الحسن يقول: آمين آمين وانصرف الأسد حتى غاب من أعيننا، ومضى أبو الحسن " عليه السلام " لوجهه، واتبعته فلما بعدنا عن الموضع لحقته، فقلت له فداك نفسي ما شأن هذا الأسد؟ فلقد خفته عليك