(وروى) ان السبب في أخذ موسى بن جعفر " عليه السلام " ان الرشيد جعل ابنه في حجر جعفر بن محمد بن الأشعث فحسده يحيى بن خالد بن برمك، وكان يقول بالإمامة حتى ادخله فاسر به، وكان يكثر غشيانه في منزله فيقف على أمره، ويرفعه إلى الرشيد ويزيد عليه في ذلك بما يقدح في قلبه على أمره، ثم قال يوما لبعض ثقاته: تعرفون رجلا من آل أبي طالب ليس بواسع الحال؟ يعرفني ما احتاج إليه فدل على علي بن إسماعيل بن جعفر بن محمد فحمل إليه يحيى بن خالد بن برمك مالا وكان موسى " عليه السلام " يأنس بعلي بن إسماعيل ويصله ويبره، ثم انفذ إليه يحيى بن خالد يرغبه في قصد الرشيد ويعده بالاحسان إليه فعمل على ذلك وأحس به موسى " عليه السلام " فدعاه، فقال له: إلى أين يا بن أخ؟
قال: إلى بغداد قال: وما تصنع؟ قال: على دين وانا مملق فقال له موسى " عليه السلام ": فانا اقضي دينك وافعل بك واصنع فلم يلتفت إلى ذلك، وعزم على الخروج فاستدعاه أبو الحسن " عليه السلام " فقال له: أنت خارج؟ قال: نعم لا بد لي من ذلك، قال له: انظر يا بن أخي واتق الله، ولا تؤتم أولادي وأمر له بثلاثمائة دينار وأربعة آلاف درهم فلما قام من بين يديه، قال موسى " عليه السلام " لمن حضره: والله ليستعين في دمى، ويؤتم أولادي فقالوا له: جعلنا الله فداك وأنت تعلم هذا من حاله وتعطيه وتصله؟ قال: نعم حدثني أبي عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان الرحم إذا قطعت فوصلت فقطعت قطعها الله انني أردت أن أوصله بعد قطعه لي حتى إذا قطعني قطعه الله قالوا: فخرج علي بن إسماعيل حتى أتى يحيى بن خالد فتعرف منه خبر موسى بن جعفر " عليه السلام " ورفعه إلى الرشيد وزاد عليه وأوصله الرشيد فسأله عن عمه فسعى به إليه، وقال له: ان الأموال لتحمل إليه من المشرق والمغرب وانه اشترى ضيعة سماها البشيرة بثلاثين ألف دينار فقال له صاحبها، وقد أحضره المال قال: لا أخذ هذا النقد، ولا أخذ إلا نقد كذا وكذا فأمر بذلك المال فرد وأعطاه ثلاثين ألف دينار من النقد الذي سأل بعينه فسمع ذلك منه الرشيد، وأمر له بمئة ألف درهم تسيب على النواحي، فاختار بعض كور المشرق وأمضت رسله المال، ومرض في بعض تلك الأيام فزحر زحرة خرجت منه حشوته كلها فسقط وجهدوا في ردها فلم يقدروا فوقع لما به، وجاءه المال وهو ينزع فقال ما أصنع به وانا في الموت، وخرج الرشيد في تلك السنة إلى الحج، وبدأ بالمدينة فقبض فيها على أبي الحسن موسى " عليه السلام " في جماعة من الاشراف وانصرفوا من استقباله