فلا بد من ولاية العهد بعدي فأبى الرضا " عليه السلام " إباءا شديدا فاستدعاه إليه، ومعه الفضل ابن سهل ذو الرياستين ليس في المجلس غيرهم وقال له: انى قد رأيت أن أقلدك أمر المسلمين وافسخ ما في رقبتي واضعه في رقبتك، فقال له الرضا " عليه السلام ": الله الله يا أمير المؤمنين انه لا طاقة لي بذلك ولا قوة لي عليه، قال له: فانى موليك العهد من بعدي فقال له: اعفني من ذلك يا أمير المؤمنين، فقال له المأمون: كلاما كالتهديد فيه على الامتناع عليه وقال في كلامه: ان عمر بن الخطاب جعل الشورى في ستة أحدهم جدك أمير المؤمنين " عليه السلام " وشرط فيمن خالف منهم ان يضرب عنقه ولابد لك من قبولك ما أريد منك فانى لا أجد محيصا عنه، فقال له الرضا " عليه السلام ": فانى أجيبك إلى ما تريد من ولاية العهد على انني لا آمر ولا انهى ولا افنى ولا اقضي ولا أولى ولا أعزل ولا أغير شيئا مما هو قائم فأجابه المأمون إلى ذلك كله وخرج ذو الرياستين، وهو يقول واعجبا وقد رأيت عجبا سلوني ما رأيت فقالوا: وما رأيت أصلحك الله؟ قال: رأيت المأمون أمير المؤمنين يقول: قد رأيت أن أقلدك أمور المسلمين وافسخ ما في رقبتي واجعله في رقبتك ورأيت علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول: يا أمير المؤمنين لا طاقة لي بذلك ولا قوة فما رأيت خلافة قط كانت أضيع منها أمير المؤمنين يتفصى منها، ويعرضها على علي بن موسى الرضا، وعلي بن موسى الرضا يرفضها ويأبى.
(وروى) ان المأمون لما أراد العقد للرضا عليه السلام، وحدث نفسه بذلك احضر الفضل بن سهل فاعلمه بما قد عزم عليه من ذلك، وأمره بالاجتماع مع أخيه الحسن بن سهل على ذلك، ففعل واجتمعا بحضرته فجعل الحسن يعظم ذلك عليه ويعرفه ما في اخراج الامر من أهله عليه، فقال له المأمون: انني عاهدت الله انني ان ظفرت بالمخلوع أخرجت الخلافة إلى أفضل آل أبي طالب وما اعلم أحدا أفضل من هذا الرجل على وجه الأرض، فلما رأى الحسن والفضل عزيمته على ذلك أمسكا عن معارضته فيه فأرسلهما إلى الرضا " عليه السلام " فعرضا ذلك عليه فامتنع منه فلم يزالا به حتى أجاب ورجعا إلى المأمون فعرفاه إجابته فسر بذلك، وجلس للخاصة في يوم الخميس، وخرج الفضل بن سهل فاعلم الناس برأي المأمون في علي بن موسى الرضا " عليه السلام " وانه قد ولى عهده وسماه الرضا وأمرهم بلبس الخضرة، والعود لبيعته في الخميس الآخر على أن يأخذوا أرزاق سنة فلما كان ذلك اليوم ركب الناس على طبقاتهم من القواد والحجاب والقضاة وغيرهم في