الله تعالى (تبت يدا أبى لهب وتب) الخ ثم دعاهم دفعة ثانية فأطعمهم وسقيهم كالدفعة الأولى، ثم قال لهم: يا بنى عبد المطلب أطيعوني تكونوا ملوك الأرض، وحكامها وما بعث الله نبيا إلا جعل له وصيا أخا أو وزيرا فأيكم يكون أخي ووزيري ووصي ووارثي وقاضي ديني. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: وهو أصغر القوم سنا: أنا يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلذلك كان وصيه.
وروى إنه جمعهم خمسة وأربعون رجلا منهم أبو لهب، فظن أبو لهب إنه يريد أن ينزع عما دعاهم إليه فقام إليه، فقال له يا محمد: هؤلاء عمومتك وبنو عمك قد اجتمعوا فتكلم واعلم أن قومك ليست لهم بالعرب طاقة فقام (صلى الله عليه وآله) خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الرائد لا يكذب أهله والله الذي لا إله إلا هو انى رسول الله إليكم حقا خاصة والى الناس عامة والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون ولتحاسبن كما تعلمون ولتجزون بالاحسان إحسانا وبالسوء سوءا وانها الجنة أبدا والنار أبدا إنكم أول من أنذرتم فآمن به من عشيرته واجتمعت قريش إلى دار الندوة وكتبوا الصحيفة على بني هاشم لا يكلموهم ولا يبايعوهم أو يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه ثم أخرجوهم من بيوتهم حتى نزلوا شعب أبى طالب ووضعوا عليهم الحرس فمكثوا بذلك ثلاث سنين ثم بعث الله عز وجل الأرضة على الصحيفة فأكلتها ولم يزل " عليه السلام " كذلك يريهم الآيات ويخبرهم بالمغيبات وأنزل الله تعالى عليه ولا تعجل بالقرآن قبل أن يقضى إليك وحيه، ومعناه لا تعجل بقراءة القرآن عليهم حتى أنزل عليك التفسير في أوقاته كما أنزل إليك التلاوة ثم أتاه جبرئيل " عليه السلام " ليلا وهو بالأبطح ومعه البراق وهو أصغر من البغل، وأكبر من الحمار فركبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وامسك جبرئيل " عليه السلام " بركابه ومضى إلى بيت المقدس ثم إلى السماء الدنيا فتلقته الملائكة فسلمت عليه وتطايرت بين يديه، حتى انتهى إلى السماء السابعة.
قال عكرمة: لما اجتمعت قريش على ادخال بني هاشم وبنى عبد المطلب شعب أبى طالب كتبوا بينهم صحيفة، فدخل الشعب مؤمن بني هاشم وكافرهم ومؤمن بنى عبد المطلب وكافرهم ما خلا أبو لهب وأبو سفيان بن الحرب فبقي القوم في الشعب ثلاث سنين فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا اخذ مضجعه ونامت العيون جاءه أبو طالب فأنهضه عن مضجعه وأضجع عليا مكانه فقال علي: يا أبتاه انى مقتول ذات ليلة فقال أبو طالب " عليه السلام "