روضة الواعظين - الفتال النيسابوري - الصفحة ٣٥٣
(والرابع) عيد النحر.
قال الله تعالى: إنا أعطيناك الكوثر فصلى لربك وانحر) يعنى صلاة العيد وانحر يعنى القربان.
ينبغي للمؤمن أن يحضر العيد معتبرا لا ناظرا حتى لا يكون حاله كحال الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا فقد قيل: إن الحكمة في العيدين تذكير القيامة وأهوالها، وذلك أن أحوالها موافقة لأهوالها فإذا كانت ليلة العيد فاذكر الليلة التي تكون صبيحتها يوم القيامة فإذا سمعت صوت الطبل والطوس والبوق فاذكر نفخ الصور.
قال الله تعالى في سورة الكهف: (ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا) فإذا خرجت من بيتك يوم العيد إلى المصلى فاذكر يوم خروجك من الدنيا، ويوم خروجك من القبر إلى المحشر.
قال الله تعالى في سورة " ق ": (واستمع يوم ينادى المناد من مكان قريب).
وإذا رأيت الناس متوجهين إلى المصلى مختلفين في أحوالهم فبعضهم يلبسون الثياب الفاخرة وبعضهم الخلقان، وبعضهم الجدد فاذكر اختلاف أحوالهم في الآخرة فبعضهم يلبسون الحلل، وبعضهم يلبسون القطران، وإذا رأيت اختلافهم في المشي قوم مشاة وقوم ركبان فاذكر مشيك على الصراط.
قال النبي (صلى الله عليه وآله): يرد الناس الصراط، ثم يصدرون عنها بأعمالهم فأولها كلمح البرق ثم كالريح، ثم كحصر الفرس ثم كالكواكب في رحاه، ثم كشد الرجل ثم كمشيه واذكر أيضا يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا إي عطاشا.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يحشر الناس على ثلاثة أثلاث: ثلث على الدواب وثلث ينسلون على اقدامهم نسلا، وثلث على وجوههم وإذا جلست في المصلى ورأيت الناس مجتمعين منتظرين للسلطان بعضهم في الشمس وبعضهم في الظل، وبعضهم قيام فاذكر وقوفك في عرصات القيامة منتظرا للحساب وفصل القضاء.
قال الله تعالى في سورة إبراهيم: (إنما نؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار مهطعين مقنعي رؤسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء).
قوم في الشمس قد ألجمهم العرق، وقوم في ظل العرش
(٣٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 ... » »»
الفهرست