الأحد ليومين بقيا من رجب متوجهين نحو مكة، ومضى بنوه واخوته وبنوا أخيه وجل أهل بيته إلا محمد بن الحنفية، وخرج الحسين وهو يقول: فخرج منها خائفا يترقب قال: رب نجني من القوم الظالمين، فلما دخل مكة وهو يقرأ: ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربى ان يهديني سواء السبيل ثم نزل فاقبل أهلها يختلفون إليه، ومن كان بها من المعتمرين وأهل الآفاق، فبلغ أهل الكوفة هلاك معاوية، فارجعوا بيزيد وعرفوا خبر الحسين " عليه السلام " وامتناعه عن بيعته، فاجتمعت الشيعة في الكوفة في منزل سليمان بن صرد فذكروا هلاك معاوية فحمدوا الله عليه، فقال سليمان بن صرد: ان معاوية قد هلك وان حسينا قد تغيض عل القوم ببيعته وقد خرج إلى مكة وأنتم شيعته وشيعة أبيه فان كنتم تعلمون انكم ناصروه ومجاهدوا عدوه، وتقتل أنفسنا دونه فاكتبوا إليه فكتبوا إليه: بسم الله الرحمن الرحيم: للحسين بن علي عليهما السلام من سليمان بن صرد الخزاعي والمسيب بن نجبة ورفاعة بن شداد، وحبيب بن مظاهر وشيعته المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة: سلام الله عليك فإنا نحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو، أما بعد: الحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد الذي ابتز على هذه الأمة فابتزها أمرها وغصبها فيها فتأمر عليها بغير رضا منها، ثم قتل خيارها واستبقى شرارها، وجعل مال الله دولة بين جبابرتها وأغنيائها، فبعدا لهم كما بعدت ثمود إنه ليس علينا إمام فاقبل لعل الله ان يجمعنا بك على الحق، والنعمان بن بشير في قصر الامارة لسنا نجتمع معه في جمعة ولا نخرج معه إلى عيد، ولو قد بلغنا انك أقبلت الينا أخرجناه حتى نلحقه بالشام انشاء الله، ثم سرحوا بالكتاب مع عبد الله بن مسمع الهمداني، وعبد الله بن وال وأمروهما بالنجا فخرجا مسرعين حتى قدما على الحسين " عليه السلام " بمكة لعشر مضين من شهر رمضان ثم لبث أهل الكوفة يومين بعد تسريحهم بالكتاب، وأنفذوا قيس بن مسهر الصيداوي، وعبد الرحمن بن عبد الله الأرحبي، وعمارة بن عبد الله السلولي إلى الحسين ومعهم نحو من مئة وخمسين صحيفة من الرجل والاثنين والأربعة، ثم لبثوا يومين آخرين وسرحوا إليه هاني بن هاني السبيعي، وسعد بن عبد الله الحنفي وكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم: للحسين بن علي من شيعته المؤمنين والمسلمين.
أما بعد: فحي هلا فان الناس ينتظرونك لا رأى لهم غيرك، فالعجل العجل ثم العجل العجل، وكتب شبث بن ربعي، وحجارة بن أبجر، ويزيد بن الحرث بن