العيش بعد هؤلاء فلما كان السحر، فقال لفتيانه وغلمانه: أكثروا من الماء فاستقوا وأكثروا ثم ارتحلوا فساروا حتى انتهى إلى زبالة فأتاه خبر عبد الله بن يقطر فأخرج إلى الناس كتابا فقرأه عليهم:
بسم الله الرحمن الرحيم اما بعد: فقد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل وهاني ابن عروة وعبد الله بن يقطر وقد خذلتنا شيعتنا فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف من غير حرج ليس عليكم ذمام فتفرق الناس عنه وأخذوا يمينا وشمالا حتى بقي أصحابه الذين جاؤوا معه من المدينة، ونفر يسير ممن انضموا إليه، وإنما فعل ذلك " عليه السلام " لأنه علم أن الاعراب الذين اتبعوه إنما اتبعوه وهم يظنون إنه يأتي بلدا قد استقامت له طاعة أهله فكره ان يسيروا معه إلا وهم يعلمون على ما يقدمون، وبعث بن زياد الحر بن يزيد في الف فارس إلى الحسين " عليه السلام " فجاء حتى وقفوا مقابل الحسين " عليه السلام " في حر الظهيرة فقال اسقوهم وأوردوهم وصلى بهم الحسين الظهر والعصر، ثم توجه إليهم فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي (صلى الله عليه وآله) وأخبرهم بمقالة الكوفيين ورسالاتهم، وقال انا أولى بهذا الامر عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم، فقال الحر: لسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك وأمرنا إذا لقيناك أن لا نفارقك حتى نقدمك الكوفة، فقال له الحسين " عليه السلام " الموت أدنى إليك من ذلك، ثم قال لأصحابه: قوموا فاركبوا فركبوا، وانتظروا حتى ركبت نساؤهم فقال لأصحابه انصرفوا، فلما ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم وبين الانصراف فقال الحسين " عليه السلام " فما تريد؟ قال: أريد انطلق بك إلى الأمير عبيد الله بن زياد قال إذا والله لا اتبعك فتراد القول ثلاث مرات فلما كثر الكلام بينهما، قال له الحر: انى لم أؤمر بقتالك إنما أمرت أن لا أفارقك حتى أقدمك الكوفة فإذا أبيت فخذ طريقا لا يدخلك الكوفة ولا يردك إلى المدينة يكون بيني وبينك نصفا حتى اكتب إلى الأمير فلعل الله ان يأتيني بأمر يرزقني فيه العافية من أن ابتلى بشئ من أمرك فخذها هنا فتياسر عن طريق العذيب والقادسية وسار الحسين " عليه السلام "، وسار الحر في أصحابه يسايره، ويقول يا حسين انى أذكرك الله في نفسك فانى أشهد لئن قاتلت لتقتلن، فقال له الحسين " عليه السلام ": أفبالموت تخوفني؟ وهل يعدوا بكم الخطب ان يقتلوني، وسأقول كما قال أخو الأوس لابن عمه وهو يريد نصرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخوفه ابن عمه، وقال: أين تذهب؟ فإنك مقتول فقال: