إلى ترجيح أحاديث (من لا يحضره الفقيه) على غيره من الكتب الأربعة نظرا إلى زيادة حفظ الصدوق رحمه الله، وحسن ضبطه، وتثبته في الرواية، وتأخر كتابه عن الكافي، وضمانه فيه لصحة ما يورده، وانه لم يقصد فيه قصد المصنفين في ايراد جميع ما رووه، وانما يورد فيه ما يفتي به ويحكم بصحته، ويعتقد انه حجة بينه وبين ربه، وبهذا الاعتبار قيل إن مراسيل (1) الصدوق رحمه الله في (من لا يحضره الفقيه) كمراسيل ابن أبي عمير في الحجية والاعتبار وان هذه المزية من خواص هذا الكتاب لا توجد في غيره من كتب الأصحاب والخوض في هذه الفروع تسليم للأصل من الجميع، على أن الشهيد الثاني رحمه الله - في شرح دراية الحديث - قال: ان مشايخنا السالفين من عهد الشيخ محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله وما بعده إلى زماننا هذا لا يحتاج أحد منهم إلى التنصيص على تزكيته ولا التنبيه على عدالته لما اشتهر في كل عصر من ثقتهم وضبطهم وورعهم زيادة على العدالة، ولعل هذا هو السر في عدم تنصيص أكثر المتأخرين من علماء الرجال على توثيق كثير من الأعاظم ممن لا يتوقف في جلالته وثقته وعدالته كالصدوق والسيد المرتضى وابن البراج وغيرهم من المشاهير رضوان
(كلمة المقدم ٢٧)