عندئذ لوجوب النذر، كما قال سيدنا الأستاذ فيما إذا تحقق التزاحم بين وجوب الحج ووجوب الوفاء بالنذر: لا إشكال في فساد النذر أو الشرط المخالف للكتاب أو السنة وما يكون محللا للحرام، وقد دلت على ذلك عدة من الروايات، ويترتب على هذا أن النذر في مفروض المقام بما أن متعلقه في نفسه محلل للحرام لاستلزامه ترك الواجب وهو الحج فلا ينعقد، لما قد عرفت اشتراط صحته بعدم كون متعلقه كذلك، وعليه فلا مناص من تقديم وجوب الحج على وجوب الوفاء بالنذر - إلى أن قال: - وعلى هذا الأساس تستنتج من ذلك كبرى كلية وهي: أن كل واجب لم يكن وجوبه مشروطا بعدم كون متعلقه في نفسه محللا للحرام يتقدم في مقام المزاحمة على واجب كان وجوبه مشروطا بذلك. كالواجبات الإلهية التي ليست بمجعولة في الشريعة المقدسة ابتداء بل هي مجعولة بعناوين ثانوية كالنذر والعهد والحلف والشرط في ضمن عقد وما شاكل ذلك، فإن وجوب الوفاء بتلك الواجبات جميعا مشروط بعدم كونها مخالفة للكتاب أو السنة ومحللة للحرام فتؤخذ هذه القيود العدمية في موضوع وجوب الوفاء بها.
وعلى ذلك يترتب أن تلك الواجبات لا تصلح أن تزاحم الواجبات التي هي مجعولة في الشريعة المقدسة ابتداء كالصلاة والصوم والحج وما شابه ذلك، لعدم أخذ تلك القيود العدمية في موضوع وجوبها، وعليه ففي مقام المزاحمة لا موضوع لتلك الواجبات، فينتفي وجوب الوفاء بها بانتفاء موضوعه.
فالنتيجة أن عدم مزاحمة تلك الواجبات معها، لقصور أدلتها عن شمولها في هذه الموارد أعني بها موارد مخالفة الكتاب أو السنة وتحليل الحرام في نفسها، لانتفاء موضوعها لا لوجود مانع في البين.
ومن هنا قلنا أن أدلة وجوب الوفاء بها ناظرة إلى الأحكام الأولية، ودالة على نفوذ تلك الواجبات ووجوب الوفاء بها فيما إذا لم تكن مخالفة لشئ من تلك