لمتخلف عن الجماعة إلا أن يكون معذورا، فوجب استعمال هذين الخبرين على ما قد صح هنالك، لا على التعارض والتناقض المبعدين عن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم * فصح أن هذا التفاضل إنما هو على صلاة المعذور التي تجوز، وهي دون صلاة الجماعة في الفضل (1) كما أخبر عليه السلام، ومن حمل هذين الخبرين على غير ما ذكرنا حصل على خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الاخر، وعلى تكذيبه عليه السلام في قوله: أن لا صلاة في غير الجماعة إلا لمعذور، واستخف بوعيده، وعصى أمره عليه السلام في إجابة النداء، وبأن يؤم الاثنين فصاعدا أحدهما، وهذا عظيم جدا * وهذا الذي قلنا: هو مثل قول الله تعالى: (لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما. درجات منه) فنص تعالى على أن المتخلف عن الجهاد بغير عذر مذموم أشد الذم في غير ما موضع من القرآن، منها قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل الا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم) في آيات كثيرة جدا، ثم بين الله تعالى أن المجاهدين مفضلون على القاعدين درجة ودرجات، فصح انه إنما عنى القاعدين المعذورين الذين لهم نصيب من وعد الله الحسنى والاجر، لا الذين توعدوا بالعذاب، * وكما أخبر عليه السلام ان صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم، ولم يختلفوا معنا في أن المصلى قاعدا بغير عذر لا أجر له، ولا نصيب من الصلاة، فصح ان النسبة المذكورة من الفضل إنما هي بين المباح له الصلاة قاعدا لعذر من خوف أو مرض أو في نافلة. * فان أرادوا ان يخصوا بذلك النافلة فقط، سألناهم الدليل على ذلك؟ ولا سبيل لهم إليه، الا بدعوى في أن المعذور في الفريضة صلاته كصلاة القائم، وهذه دعوى كاذبة، مخالفة لعموم قوله عليه السلام: (صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم) دون تخصيص منه عليه السلام *
(١٩٢)