قال علي: وكان يحيى بن يحيى الليثي وبقى بن مخلد لا يريان القنوت وعلى ذلك جرى أهل مسجديهما بقرطبة إلى الآن * قال على: اما الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلى وابن عباس رضي الله عنهم بأنهم لم يقنتوا فلا حجة في ذلك في النهى عن القنوت لأنه قد صح عن جميعهم انهم قنتوا، وكل ذلك صحيح، قنتوا وتركوا، فكلا الامرين مباح، والقنوت ذكر لله تعالى، ففعله حسن، وتركه مباح، وليس فرضا، ولكنه فضل * وأما قول والد أبي مالك الأشجعي. إنه بدعة. فلم يعرفه، ومن عرفه أثبت فيه ممن لم يعرفه، والحجة فيمن علم لا فيمن لم يعلم (1) * واما ابن مسعود فلم يأت عنه أنه كرهه، ولا انه نهى عنه، وإنما جاء انه كان لا يقنت في الفجر فقط، وهذا مباح، وقد قنت غيره من الصحابة رضي الله عنهم * وأما ابن عمر فلم يعرفه كما لم يعرف المسح، وليس ذلك بقادح في معرفة من عرفة * وأما الزهري فجهل القنوت ورآه منسوخا، كما صح عنه من تلك الطريق نفسها: أن كون زكاة البقر في كل ثلاثين تبيع وفي أربعين مسنة: منسوخ، وان زكاتها كزكاة الإبل.
فإن كان قول الزهري في نسخ القنوت حجة، فهو حجة في نسخ زكاة البقر في ثلاثين تبيع وفي أربعين مسنة، وان لم يكن هنالك حجة فليس هو ههنا حجة * والعجب من المالكيين المحتجين بقول ابن عمر إذا وافق تقليدهم! ثم سهل عليهم ههنا خلاف ابن عمر وخلاف سالم ابنه وخلاف الزهري، وهما عالما أهل المدينة!
والعجب ممن يحتج في ترك القنوت بقول سالم. أحدثه الناس، وهو يرى حجة قول القائل، فعدل الناس مدين من بر بصاع من شعير في زكاة الفطر وهذا كله تحكم في الدين بالباطل!
وقالوا: لو كان القنوت سنة ما خفى عن ابن مسعود ولا عن ابن عمر * فقلنا! قد خفى وضع الأيدي على الركب في الركوع على ابن مسعود، فثبت على القول بالتطبيق إلى أن مات، وخفي على ابن عمر المسح على الخفين، ولم يروا ذلك حجة فما بال خفاء