وهذا خلاف قولكم بالوقت؟ قلنا لا، بل وقت الصلاة للناسي والنائم والسكران ممتد أبدا غير منقض * وبرهان أنهم ليسوا عصاة في تأخيرها إلى أي وقت صلوها فيه * وكل أمر الله عز وجل فإنه منقسم على ثلاثة أوجه لا رابع لها: إما أمر غير معلق بوقت، فهذا يجزئ أبدا متى أدى، كالجهاد والعمرة وصدقة التطوع والدعاء وغير ذلك (1)، فهذا يجزئ متى أدى، والمسارعة إليه أفضل، لقول الله عز وجل:
(وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها، وإما أمر معلق بوقت محدود الأول غير محدود الآخر كالزكاة ونحوها، فهذا لا يجزئ قبل وقته، ولا يسقط بعد وجوبه أبدا، لأنه لا آخر لوقته (2)، والمبادرة إليه أفضل لما ذكرنا. وإما أمر معلق بوقت محدود أوله وآخره فهذا لا يجزئ قبل وقته ولا بعد وقته، ويجزئ في جميع وقته، في أوله وآخره ووسطه، كالصلاة الحج وصوم رمضان ونحو ذلك * ونقول لمن خالفنا: قد وافقتمونا على أن الحج لا يجزئ في غير وقته، وأن الصوم لا يجزئ في غير النهار، فمن أين أجزتم ذلك في الصلاة؟ وكل ذلك ذو وقت محدود أوله وآخره؟! وهذا مالا انفكاك منه. فان قالوا: قسنا العامد على الناسي. قلنا:
القياس كل باطل، ثم لو كان القياس حقا (3) لكان هذا منه عين الباطل، لان القياس عند القائلين به إنما هو قياس الشئ على نظيره، لا على ضده، وهذا مالا خلاف فيه بين أحد من أهل القياس، وقد وافقهم من لا يقول بالقياس، على أنه لا يجوز قياس الشئ على ضده الطاعة، فصار اجماعا متيقنا وباطلا لا شك فيه. والعمد ضد النسيان، والمعصية ضد الطاعة. بل قياس ذلك على ما ذكرنا من الحج أولى، لو كان القياس حقا، لا سيما والحنفيون والمالكيون لا يقيسون الحالف عامدا للكذب