وعن ابن جريج: قلت لعطاء: أواجب الوتر وركعتان أمام الصبح أو شئ من الصلاة قبل المكتوبة أو بعدها؟ قال: لا. وهو قول الشافعي وداود وجمهور المتقدمين والمتأخرين * وأما أبو حنيفة فإن كان ذهب إلى أن الوتر فرض فقد ذكرنا بطلان هذا القول، وإن كان ذهب إلى أن الوتر واجب لا فرض ولا تطوع، فهو قول فاسد، وقد ذكرنا ابطاله في صدر هذه المسألة * وقال مالك: ليس فرضا، ولكن من تركه أدب وكانت جرحة (1) في شهادته * قال أبو محمد: وهذا خطأ بين، لأنه لا يخلو تاركه أن يكون عاصيا لله عز وجل أو غير عاص، فإن كان عاصيا لله تعالى فلا يعصى أحد بترك مالا يلزمه وليس فرضا فالوتر اذن فرض وهو لا يقول بهذا، وان قال: بل هو غير عاص لله تعالى، قيل: فمن الباطل أن يؤدب من لم يعص الله تعالى، أو أن تجرح شهادة من ليس عاصيا لله عز وجل، لان من لم يعص الله عز وجل فقد أحسن والله تعالى يقول: (ما على المحسنين من سبيل). * قال أبو محمد: إلا أن الوتر أوكد التطوع، للأحاديث التي ذكرنا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أوكدها بعد الوتر صلاة الضحى وركعتان عند دخول المسجد، وصلاة من صلى في جماعة ثم وجد جماعة يصلون تلك الصلاة، وصلاة الكسوف، وأربع بعد الجمعة، لان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بهذه (3)، وما أمر به عليه السلام فهو أوكد مما لم يأمر به * روينا من طريق مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة السلمي (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس) * وروينا عن عبد الوارث بن سعيد التنوري ثنا أبو التياح حدثني أبو عثمان
(٢٣١)