برهان ذلك قول الله تعالى (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله) فقوله: (حتى يطهرن) معناه حتى يحصل لهن الطهر الذي هو عدم الحيض، وقوله تعالى: (فإذا تطهرن) هو صفة فعلهن وكل ما ذكرنا يسمى في الشريعة وفى اللغة تطهرا وطهورا وطهرا، فأي ذلك فعلت فقد تطهرت: قال الله تعالى: (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) فجاء النص والاجماع بأنه غسل الفرج والدبر بالماء. وقال عليه السلام: (جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا) فصح أن التيمم للجنابة وللحدث طهور. وقال تعالى. (وان كنتم جنبا فاطهروا) وقال عليه السلام: (لا يقبل الله صلاة بغير طهور) يعني الوضوء * ومن اقتصر بقوله تعالى: (فإذا تطهرن) على غسل الرأس والجسد كله دون الوضوء ودون التيمم ودون غسل الفرج بالماء فقد قفا مالا علم له به، وادعى أن الله تعالى أراد بعض ما يقع عليه كلامه بلا برهان من الله تعالى * ويقال لهم: هلا فعلتم هذا في الشفق (1)؟ إذ قلتم أي شئ توقع عليه اسم الشفق فبغروبه تدخل صلاة العتمة، فمرة تحملون اللفظ على كل ما يقتضيه، ومرة على بعض ما يقتضيه بالدعوى والهوس * فان قال إذا حاضت حرمت باجماع فلا تحل الا باجماع آخر، قلنا هذا باطل، ودعوى كاذبة، لم يوجبها لا نص ولا اجماع، بل إذا حرم الشئ باجماع ثم جاء نص يبيحه فهو مباح، ما نبالي أجمع على اباحته أم اختلف فيها، ولو كانت قضيتكم هذه صحيحة لبطل بها عليكم أكثر أقوالكم، فيقال لكم: قد حرمتم الصلاة على المحدث والمجنب باجماع، فلا تحل لهما الا باجماع ولا تجيزوا للجنب (2) أن يصلى بالتيمم ولو عدم الماء شهرا فلا اجماع في ذلك، بل عمر بن الخطاب وابن مسعود وإبراهيم والأسود لا يجيزون له الصلاة بالتيمم، وأبطلوا صلاة من توضأ ولم يستنشق،
(١٧٢)