بما روى عطاء أن رجلا رهن فرسا فنفق عند المرتهن فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فقال " ذهب حقك " ولأنها عين مقبوضة للاستيفاء فيضمنها من قبضها لذلك أو من قبضها نائبه كحقيقة المستوفى ولأنه محبوس بدين فكان مضمونا كالمبيع إذا حبس لاستيفاء ثمنه ولنا ما روى ابن أبي ذئب عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا يغلق الرهن لصاحبه غنمه وعليه غرمه " رواه الأثرم عن أحمد بن عبد الله بن يونس عن ابن أبي ذئب ورواه الشافعي عن ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب ولفظه " الرهن من صاحبه الذي رهنه " وباقيه سواء قال ووصله ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله أو مثل معناه من حديث أبي أنيسة ولأنه وثيقة بالدين فلا يضمن كالزيادة على قدر الدين وكالكفيل والشاهد ولأنه مقبوض بعقد واحد بعضه أمانة فكان جميعه أمانة كالوديعة وعند مالك أن مالا يضمن به العقار لا يضمن به الذهب كالوديعة. فاما حديث عطاء فهو مرسل وقول عطاء يخالفه. قال الدارقطني: يرويه إسماعيل بن أمية وكان كذابا وقيل يرويه مصعب ابن ثابت وكان ضعيفا، ويحتمل أنه أراد ذهب حقك من الوثيقة بدليل أنه لم يسأل عن قدر الدين وقيمة الفرس. وحديث أنس ان صح فيحتمل أنه محبوس بما فيه، وأما المستوفى فإنه صار ملكا للمستوفي وله نماؤه وغنمه فكان عليه ضمانه وغرمه بخلاف الرهن والبيع قبل القبض ممنوع.
(فصل) وإذا قضاه جميع الحق أو أبراه من الدين بقي الرهن أمانة في يده، وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة إذا قضاه كان مضمونا وإذا أبرأه أو وهبه لم يكن مضمونا استحسانا وهذا مناقضة لأن القبض المضمون منه لم يزل ولم يبرئه منه. وعندنا أنه كان أمانة وبقي على ما كان عليه وليس عليه