من دينه أكثر من ماله وخرجه أكثر من دخله، وسموه مفلسا وإن كان ذا مال لأن ماله مستحق الصرف في جهة دينه فكأنه معدوم، وقد دل عليه تفسير النبي صلى الله عليه وسلم مفلس الآخرة فإنه أخبر ان له حسنات أمثال الجبال لكنها كانت دون ما عليه فقسمت بين الغرماء وبقي لا شئ له ويجوز أن يكون سمي بذلك لما يؤول إليه من عدم ماله بعد وفاء دينه، ويجوز أن يكون سمي بذلك لأنه يمنع من التصرف في ماله الا الشئ التافه الذي لا يعيش الا به كالفلوس ونحوها (فصل) ومتى لزم الانسان ديون حالة لا يفي ماله بها فسأل غرماؤه الحاكم الحجر عليه لزمته إجابتهم، ويستحب أن يظهر الحجر عليه لتجتنب معاملته فإذا حجر عليه ثبت بذلك أربعة أحكام (أحدها) تعلق حقوق الغرماء بعين ماله (والثاني) منع تصرفه في عين ماله (الثالث) ان من وجد عين ماله عنده فهو أحق بها من سائر الغرماء إذا وجدت الشروط (الرابع) ان للحاكم بيع ماله وايفاء الغرماء، والأصل في هذا ما روى كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ بن جبل وباع ماله رواه الخلال باسناده، وعن عبد الرحمن بن كعب قال كان معاذ بن جبل من أفضل شباب قومه ولم يكن يمسك شيئا فلم يزل يدان حق أغرق ماله في الدين فكلم النبي صلى الله عليه وسلم غرماؤه، فلو ترك أحد من اجل أحد لتركوا معاذا من اجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فباع لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله حتى قام معاذ بغير شئ، قال بعض أهل العلم أنما لم يترك الغرماء لمعاذ حين كلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم كانوا يهودا {مسألة} قال (وإذا فلس الحاكم رجلا فأصاب أحد الغرماء عين ماله فهو أحق به إلا أن يشاء تركه ويكون أسوة الغرماء) وجملته ان المفلس متى حجر عليه فوجد بعض غرمائه سلعته التي باعه إياها بعينها بالشروط التي
(٤٥٦)