والصلح والابراء لأنه حق العبد خالصا فتجرى فيه هذه الأحكام كما تجرى في سائر الحقوق للعباد من القصاص وغيره بخلاف الحدود ومنها انه يورث كالقصاص وغيره لما قلنا ومنها انه لا يتداخل لان حقوق العبد لا تحتمل التداخل بخلاف الحدود ويؤخذ فيه الكفيل الا انه لا يحبس لتعديل الشهود اما التكفيل فلان التكفيل للتوثيق والتعزير حق العبد فكان التوثيق ملائما له بخلاف الحدود على أصل أبي حنيفة رحمه الله واما عدم الحبس فلان الحبس يصلح تعزيرا في نفسه فلا يكون مشروعا قبل تعديل الشهود بخلاف الحدود انه يحبس فيها لتعديل الشهود لان الحبس لا يصلح حدا والله تعالى أعلم * (فصل) * وأما بيان ما يظهر به فنقول إنه يظهر به سائر حقوق العباد من الاقرار والبينة والنكول وعلم القاضي ويقبل فيه شهادة النساء مع الرجال والشهادة على الشهادة وكتاب القاضي إلى القاضي كما في سائر حقوق العباد وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله لا يقبل فيه شهادة النساء والصحيح هو الأول لأنه حق العبد على الخلوص فيظهر بما يظهر به حقوق العباد ولا يعمل فيه الرجوع كما لا يعمل في القصاص وغيره بخلاف الحدود الخالصة لله تعالى والله تعالى عز شأنه أعلم بالصواب واليه المرجع والمآب * (كتاب السرقة) * يحتاج لمعرفة مسائل السرقة إلى معرفة ركن السرقة والى معرفة شرائط الركن والى معرفة ما يظهر به السرقة عند القاضي والى معرفة حكم السرقة * (فصل) * أما ركن السرقة فهو الاخذ على سبيل الاستخفاء قال الله تبارك وتعالى الا من استرق السمع سمى سبحانه وتعالى أخذ المسموع على وجه الاستخفاء استراقا ولهذا يسمى الاخذ على سبيل المجاهرة مغالبة أو نهبة أو خلسة أو غصبا أو انتهابا واختلاسا لا سرقة وروى عن سيدنا علي رضي الله عنه أنه سئل عن المختلس والمنتهب فقال تلك الدعابة لا شئ فيها وروى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال لا قطع على نباش ولا منتهب ولا خائن ثم الاخذ على وجه الاستخفاء نوعان مباشرة وتسبب (أما) المباشرة فهو أن يتولى السارق أخذ المتاع واخراجه من الحرز بنفسه حتى لو دخل الحرز واخذ متاعا فحمله أو لم يحمله حتى ظهر عليه وهو في الحرز قبل أن يخرجه فلا قطع عليه لان الاخذ اثبات اليد ولا يتم ذلك الا بالاخراج من الحرز ولم يوجد وان رمى به خارج الحرز ثم ظهر عليه قبل أن يخرج هو من الحرز فلا قطع عليه لان يده ليست بثابتة عليه عند الخروج من الحرز فإن لم يظهر عليه حتى خرج وأخذ ما كان رمى به خارج الحرز يقطع وروى عن زفر رحمه الله أنه لا يقطع (وجه) قوله إن الاخذ من الحرز لا يتم الا بالاخراج منه والرمي ليس باخراج والاخذ من الخارج ليس أخذا من الحرز فلا يكون سرقة (ولنا) ان المال في حكم يده ما لم تثبت عليه يد غيره فقد وجد منه الاخذ والاخراج من الحرز ولو رمى به إلى صاحب له خارج الحرز فاخذه المرمى إليه فلا قطع على واحد منهما (أما) الخارج فلانه لم يوجد منه الاخذ من الحرز (وأما) الداخل فلانه لم يوجد منه الاخراج من الحرز لثبوت يد الخارج عليه ولو نال صاحبا له مناولة من وراء الجدار ولم يخرج هو فلا قطع على واحد منهما عند أبي حنيفة رحمه الله وعندهما يقطع الداخل ولا يقطع الخارج إذا كان الخارج لم يدخل يده إلى الحرز (وجه) قولهما ان الداخل لما ناول صاحبه فقد أقام يد صاحبه مقام يده فكأنه خرج والمال في يده (وجه) قوله على نحو ما ذكرنا في المسألة المتقدمة أنه لا سبيل إلى ايجاب القطع على الخارج لانعدام فعل السرقة منه وهو الاخذ من الحرز ولا سبيل إلى ايجابه على الداخل لانعدام ثبوت يده عليه حالة الخروج من الحرز لثبوت يد صاحبه بخلاف ما إذا رمى به إلى السكة ثم خرج وأخذه لأنه لما لم تثبت عليه يد غيره فهو في حكم يده فكأنه خرج به حقيقة وإن كان الخارج ادخل يده في الحرز فاخذه من يد الداخل فلا قطع على واحد منهما في قول أبي حنيفة وقال
(٦٥)