نصف الدية في مال القاتل لان القتل عمد الا انه تعذر استيفاء القصاص لما ذكرنا والعاقلة لا تعقل العمد ويؤخذ منه في ثلاث سنين عند أصحابنا الثلاثة وعند زفر في سنتين (وجه) قوله إن الواجب نصف الدية فيؤخذ في سنتين كما لو قطع يد انسان خطأ ووجب عليه نصف الدية انه يؤخذ في سنتين كذا ههنا (ولنا) ان الواجب جزء مما يؤخذ في ثلاث سنين وحكم الجزء حكم الكل بخلاف القطع فان الواجب هناك كل لا جزء لان كل دية واحدة هذا القدر الا انه قدر كل ديتها بنصف دية النفس وهذا لا ينفى أن يكون كل دية الطرف ولو عفا أحدهما فقتله الاخر ينظر ان قتله ولم يعلم بالعفو أو علم به لكنه لم يعلم بالحرمة لا قصاص عليه عند أصحابنا الثلاثة رحمهم الله وعند زفر رحمة الله عليه القصاص (وجه) قوله إنه قتل نفسا بغير حق لان عصمته عادت بالعفو ألا ترى انه حرم قتله فكانت مضمونة بالقصاص كما لو قتله قبل وجود القتل منه فلو سقط إنما سقط بالشبهة ومطلق الظن لا يورث شبهة كما لو قتل انسانا وقال ظننت انه قاتل أبى (ولنا) ان في عصمته شبهة العدم في حق القاتل لأنه قتله على ظن أن قتله مباح له وهو ظن مبنى على نوع دليل وهو ما ذكرنا ان القصاص وجب حقا للمقتول وكل واحد من الأولياء بسبيل من استيفاء حق وجب للمقتول فالعفو من أحدهما ينبغي ان لا يؤثر في حق الاخر ولان سبب ولاية الاستيفاء وجد في حق كل واحد منهما على الكمال وهو القرابة فينبغي ان لا يؤثر عفو أحدهما في حق صاحبه الا انه امتنع هذا الدليل عن العمل باجماع الصحابة رضى الله تعالى عنهم على ما بينا فقيامه يورث شبهة عدم العصمة والشبهة في هذا الباب تعمل عمل الحقيقة فتمنع وجوب القصاص ويجب عليه نصف الدية لان القصاص إذا تعذر ايجابه للشبهة وجب عليه كمال الدية كان على القاتل نصف الدية فصار النصف قصاصا بالنصف فيوجب عليه النصف الآخر ويكون في ماله لا على العاقلة لأنه وجب بالقتل وهو عمد والعاقلة لا تعقل العمد وان علم بالعفو والحرمة يجب عليه القصاص لان المانع من الوجوب الشبهة وانها نشأت عن الظن ولم يوجد فزال المانع وله على المقتول نصف الدية لأنه قد كان انقلب نصيبه مالا بعفو صاحبه فبقي ذلك على المقتول هذا إذا كان القصاص الواحد مشتركا بينهما فعفا أحدهما عن نصيبه فاما إذا وجب لكل واحد منهما قصاص كامل قبل القاتل بان قتل واحد رجلين فعفا أحدهما عن القاتل لا يسقط قصاص الآخر لان كل واحد منهما استحق عليه قصاصا كاملا ولا استحالة له في ذلك لان القتل ليس تفويت الحياة ليقال إن الحياة الواحدة لا يتصور تفويتها من اثنين بل هو اسم لفعل مؤثر في فوات الحياة عادة وهذا يتصور من كل واحد منهما في محل واحد على الكمال فعفو أحدهما عن حقه وهو القصاص لا يؤثر في حق صاحبه بخلاف القصاص الواحد المشترك والله سبحانه وتعالى أعلم هذا إذا عفا الولي عن القاتل بعد موت وليه (فأما) إذا عفا عنه بعد الجرح قبل الموت فالقياس ان لا يصح عفوه وفى الاستحسان يصح (وجه) القياس أن العفو عن القتل يستدعى وجود القتل والفعل لا يصير قتلا الا بفوات الحياة عن المحل ولم يوجد فالعفو لم يصادف محله فلم يصح وللاستحسان وجهان أحدهما ان الجرح متى اتصلت به السراية تبين انه وقع قتلا من حين وجوده فكان عفوا عن حق ثابت فيصح ولهذا لو كان الجرح خطأ فكفر بعد الجرح قبل الموت ثم مات جاز التكفير والثاني ان القتل ان لم يوجد للحال فقد وجد سبب وجوده وهو الجرح المفضى إلى فوات الحياة والسبب المفضى إلى الشئ يقام مقام ذلك الشئ في أصول الشرع كالنوم مع الحدث والنكاح مع الوطئ وغير ذلك ولأنه إذا وجد سبب وجود القتل كان العفو تعجيل الحكم بعد وجود سببه وانه جائز كالتكفير بعد الجرح قبل الموت في قتل الخطأ والله سبحانه وتعالى أعلم وكذلك العفو من المولى واحدا كان أو أكثر والعفو من الوارث سواء في جميع ما وصفنا الا ان في القصاص بين الموليين إذا عفا أحدهما فللآخر حصته من قيمة العبد وههنا من الدية لان القيمة في دم العمد كالدية في دم الحر (فأما) فيما وراء ذلك فلا يختلفان هذا كله إذا كان العفو من المولى أو من الولي فأما إذا كان من المجروح بأن كان المجروح عفا لا يصح عفوه لان القصاص يجب حقا للمولى لا له وإن كان حرا فان عفا عن القتل ثم مات
(٢٤٨)