وأربعون شاة فإن كان الدين لا يفضل عن الغنم يصرف إلى الشاة لأنه أقل زكاة فان فضل منه ينظر إن كان بنت مخاض وسط أقل قيمة من الشاة وتبيع وسط يصرف إلى الإبل وإن كان أكثر قيمة منها يصرف إلى الغنم والبقر لان هذا أنفع للفقراء فالمدار على هذا الحرف فاما إذا لم يكن له مال للزكاة فإنه يصرف الدين إلى عروض البذلة والمهنة أولا ثم إلى العقار لان الملك مما يستحدث في العروض ساعة فساعة فاما العقار فمما لا يستحدث فيه الملك غالبا فكان فيه مراعاة النظر لهما جميعا والله أعلم * (فصل) * وأما الشرائط التي ترجع إلى المال فمنها الملك فلا تجب الزكاة في سوائم الوقف والخيل المسبلة لعدم الملك وهذا لان في الزكاة تمليكا والتمليك في غير الملك لا يتصور ولا تجب الزكاة في المال الذي استولى عليه العدو وأحرزوه بدراهم عندنا لأنهم ملكوها بالاحراز عندنا فزال ملك المسلم عنها وعند الشافعي تجب لان ملك المسلم بعد الاستيلاء والاحراز بالدار قائم وان زالت يده عنه والزكاة وظيفة الملك عنده ومنها الملك المطلق وهو أن يكون مملوكا له رقبة ويدا وهذا قول أصحابنا الثلاثة وقال زفر اليد ليست بشرط وهو قول الشافعي فلا تجب الزكاة في المال الضمار عندنا خلافا لهما وتفسير مال الضمار هو كل مال غير مقدور الانتفاع به مع قيام أصل الملك كالعبد الآبق والضال والمال المفقود والمال الساقط في البحر والمال الذي أخذه السلطان مصادرة والدين المجحود إذا لم يكن للمالك بينة وحال الحول ثم صار له بينة بأن أقر عند الناس والمال المدفون في الصحراء إذا خفى على المالك مكانه فإن كان مدفونا في البيت تجب فيه الزكاة بالاجماع وفى المدفون في الكرم والدار الكبيرة اختلاف المشايخ احتجا بعمومات الزكاة من غير فصل ولان وجوب الزكاة يعتمد الملك دون اليد بدليل ابن السبيل فإنه تجب الزكاة في ماله وإن كانت يده فائتة لقيام ملكه وتجب الزكاة في الدين مع عدم القبض وتجب في المدفون في البيت فثبت ان الزكاة وظيفة الملك والملك موجود فتجب الزكاة فيه الا انه لا يخاطب بالأداء للحال لعجزه عن الأداء لبعد يده عنه وهذا لا ينفى الوجوب كما في ابن السبيل ولنا ما روى عن علي رضي الله عنه موقوفا عليه ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا زكاة في مال الضمار وهو المال الذي لا ينتفع به مع قيام الملك مأخوذ من البعير الضامر الذي لا ينتفع به لشدة هزاله مع كونه حيا وهذه الأموال غير منتفع بها في حق المالك لعدم وصول يده إليها فكانت ضمارا ولان المال إذا لم يكن مقدور الانتفاع به في حق المالك لا يكون المالك به غنيا ولا زكاة على غير الغنى بالحديث الذي روينا ومال ابن السبيل مقدور الانتفاع به في حقه بيد نائبه وكذا المدفون في البيت لأنه يمكنه الوصول إليه بالنبش بخلاف المفازة لان نبش كل الصحراء غير مقدور له وكذا الدين المقر به إذا كان المقر مليا فهو ممكن الوصول إليه واما الدين المجحود فإن لم يكن له بينة فهو على الاختلاف وإن كان له بينة اختلف المشايخ فيه قال بعضهم تجب الزكاة فيه لأنه يمكن الوصول إليه بالبينة فإذا لم يقم البينة فقد ضيع القدرة فلم يعذر وقال بعضهم لا تجب لان الشاهد قد يفسق الا إذا كان القاضي عالما بالدين لأنه يقضى بعلمه فكان مقدور الانتفاع به وإن كان المديون يقر في السر ويجحد في العلانية فلا زكاة فيه كذا روى عن أبي يوسف لأنه لا ينتفع باقراره في السر فكان بمنزلة الجاحد سرا وعلانية وإن كان المديون مقرا بالدين لكنه مفلس فإن لم يكن مقضيا عليه بالافلاس تجب الزكاة فيه في قولهم جميعا وقال الحسن بن زياد لا زكاة فيه لان الدين على المعسر غير منتفع به فكان ضمارا والصحيح قولهم لان المفلس قادر على الكسب والاستقراض مع أن الافلاس محتمل الزوال ساعة فساعة إذ المال غاد ورائح وإن كان مقضيا عليه بالافلاس فكذلك في قول أبي حنيفة وأبى يوسف وقال محمد لا زكاة فيه فمحمد مر على أصله لان التفليس عنده يتحقق وانه يوجب زيادة عجز لأنه يسد عليه باب التصرف لان الناس لا يعاملونه بخلاف الذي لم يقض عليه بالافلاس وأبو حنيفة مر على أصله لان الافلاس عنده لا يتحقق في حال الحياة والقضاء به باطل وأبو يوسف وإن كان يرى التفليس لكن المفلس قادر في الجملة بواسطة الاكتساب فصار الدين مقدور الانتفاع في الجملة فكان أثر التفليس في تأخير المطالبة إلى وقت اليسار فكان كالدين المؤجل فتجب الزكاة فيه ولو دفع إلى إنسان وديعة ثم نسي
(٩)