المستأجرة للتجارة وإن كانت الدار معدة للتجارة فكان في المسألة روايتان ومشايخ بلخ كانوا يصححون رواية الجامع ويقولون ان العين وإن كانت للتجارة لكن قد يقصد ببدل منافعها المنفعة فيؤاجر الدابة لينفق عليها والدار للعمارة فلا تصير للتجارة مع التردد الا بالنية وأما إذا اشترى عروضا بالدراهم أو بالدنانير أو بما يكال أو يوزن موصوفا في الذمة فإنها لا تكون للتجارة ما لم ينو التجارة عند الشراء وإن كانت الدراهم والدنانير أثمانا والموصوف في الذمة من المكيل والموزون أثمان عند الناس ولأنها كما جعلت ثمنا لمال التجارة جعلت ثمنا لشراء ما يحتاج إليه للابتذال والقوت فلا يتعين الشراء به للتجارة مع الاحتمال وعلى هذا لو اشترى المضارب بمال المضاربة عبيدا ثم اشترى لهم كسوة وطعاما للنفقة كان الكل للتجارة وتجب الزكاة في الكل لان نفقة عبيد المضاربة من مال المضاربة فطلق تصرفه ينصرف إلى ما يملك دون مالا يملك حتى لا يصير خائنا وعاصيا عملا بدينه وعقله وان نص على النفقة وبمثله المالك إذا اشترى عبيدا للتجارة ثم اشترى لهم ثيابا للكسوة وطعاما للنفقة فإنه لا يكون للتجارة لان المالك كما يملك الشراء للتجارة يملك الشراء للنفقة والبذلة وله ان ينفق من مال التجارة وغير مال التجارة فلا يتعين للتجارة الا بدليل زائد واما الاجراء الذين يعملون للناس نحو الصباغين والقصارين والدباغين إذا اشتروا الصبغ والصابون والدهن ونحو ذلك مما يحتاج إليه في عملهم ونووا عند الشراء أن ذلك للاستعمال في عملهم هل يصير ذلك مال التجارة روى بشر بن الوليد عن أبي يوسف ان الصباغ إذا اشترى العصغر والزعفران ليصبغ ثياب الناس فعليه فيه الزكاة والحاصل ان هذا على وجهين إن كان شيئا يبقى أثره في المعمول فيه كالصبغ والزعفران والشحم الذي يدبغ به الجلد فإنه يكون مال التجارة لان الاجر يكون مقابلة ذلك الأثر وذلك الأثر مال قائم فإنه من أجزاء الصبغ والشحم لكنه لطيف فيكون هذا تجارة وإن كان شيئا لا يبقى أثره في المعمول فيه مثل الصابون والأشنان والقلى والكبريت فلا يكون مال التجارة لان عينها تتلف ولم ينتقل أثرها إلى الثوب المغسول حتى يكون له حصة من العوض بل البياض أصلى للثوب يظهر عند زوال الدرن فما يأخذ من العوض يكون بدل عمله لا بدل هذه الآلات فلم يكن مال التجارة وأما آلات الصناع وظروف أمتعة التجارة لا تكون مال التجارة لأنها لا تباع مع الأمتعة عادة وقالوا في نحاس الدواب إذا اشترى المقاود والجلال والبراذع انه إن كان يباع مع الدواب عادة يكون للتجارة لأنها معدة لها وإن كان لا يباع معها ولكن تمسك وتحفظ بها الدواب فهي من آلات الصناع فلا يكون مال التجارة إذا لم ينو التجارة عند شرائها وقال أصحابنا في عبد التجارة قتله عبد خطأ فدفع به ان الثاني للتجارة لأنه عوض مال التجارة وكذا إذا فدى بالدية من العروض والحيوان واما إذا قتله عمدا فصالح المولى من الدية على العبد القاتل أو على شئ من العروض لا يكون مال التجارة لأنه عوض القصاص لا عوض العبد المقتول والقصاص ليس بمال والله أعلم ومنها الحول في بعض الأموال دون بعض وجملة الكلام في هذا الشرط يقع في موضعين أحدهما في بيان ما يشترط له الحول من الأموال ومالا يشترط والثاني في بيان ما يقطع حكم الحول وما لا يقطع أما الأول فنقول لا خلاف في أن أصل النصاب وهو النصاب الموجود في أول الحول يشترط له الحول لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ولان كون المال ناميا شرط وجوب الزكاة لما ذكرنا والنماء لا يحصل الا بالاستنماء ولا بد لذلك من مدة وأقل مدة يستنمي المال فيها بالتجارة والاسامة عادة الحول فاما المستفاد في خلال الحول فهل يشترط له حول على حدة أو يضم إلى الأصل فيزكى بحول الأصل جملة الكلام في المستفاد انه لا يخلو اما إن كان مستفادا في الحول واما إن كان مستفادا بعد الحول والمستفاد في الحول لا يخلو اما إن كان من جنس الأصل واما إن كان من خلاف جنسه فإن كان من خلاف جنسه كالإبل مع البقر والبقر مع الغنم فإنه لا يضم إلى نصاب الأصل بل يستأنف له الحول بلا خلاف وإن كان من جنسه فاما إن كان متفرعا من الأصل أو حاصلا بسببه كالولد والربح واما لم يكن متفرعا من الأصل ولا حاصلا بسببه كالمشترى والموروث والموهوب والموصى به فإن كان متفرعا من الأصل أو حاصلا بسببه يضم إلى الأصل ويزكى بحول الأصل بالاجماع وان لم يكن متفرعا من الأصل
(١٣)