التجارة فيصير ذلك مال التجارة لوجود صريح نية التجارة مقارنا لعقد التجارة اما الشراء فلا شك أنه تجارة وكذلك الإجارة لأنها معاوضة المال بالمال وهو نفس التجارة ولهذا ملك المأذون بالتجارة الإجارة والنية المقارنة للفعل معتبرة ولو اشترى عينا من الأعيان ونوى أن تكون للبذلة والمهنة دون التجارة لا تكون للتجارة سواء كان الثمن من مال التجارة أو من غير مال التجارة لأن الشراء بمال التجارة إن كان دلالة التجارة فقد وجد صريح نية الابتذال ولا تعتبر الدلالة مع الصريح بخلافها ولو ملك عروضا بغير عقد أصلا بان ورثها ونوى التجارة لم تكن للتجارة لأن النية تجردت عن العمل أصلا فضلا عن عمل التجارة لان الموروث يدخل في ملكه من غير صنعه ولو ملكها بعقد ليس مبادلة أصلا كالهبة والوصية والصدقة أو بعقد هو مبادلة مال بغير مال كالمهر وبدل الخلع والصلح عن دم العمد وبدل العتق ونوى التجارة يكون للتجارة عند أبي يوسف وعند محمد لا يكون للتجارة كذا ذكر الكرخي وذكر القاضي الشهيد الاختلاف على القلب فقال في قول أبي حنيفة وأبى يوسف لا يكون للتجارة وفى قول محمد يكون للتجارة وجه قول من قال إنه لا يكون للتجارة ان النية لم تقارن عملا هو تجارة وهي مبادلة المال بالمال فكان الحاصل مجرد النية فلا تعتبر ووجه القول الآخر ان التجارة عقد اكتساب المال وما لا يدخل في ملكه الا بقبوله فهو حاصل بكسبه فكانت نيته مقارنة لفعله فأشبه قرانها بالشراء والإجارة والقول الأول أصح لان التجارة كسب المال ببدل ما هو مال والقبول اكتساب المال بغير بدل أصلا فلم تكن من باب التجارة فلم تكن النية مقارنة عمل التجارة ولو استقرض عروضا ونوى أن تكون للتجارة اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يصير للتجارة لان القرض ينقلب معاوضة المال بالمال في العاقبة واليه أشار في الجامع أن من كان له مائتا درهم لا مال له غيرها فاستقرض قبل حولان الحول بيوم من رجل خمسة أقفزة لغير التجارة ولم تستهلك الأقفزة حتى حال الحول لا زكاة عليه في المائتين ويصرف الدين إلى مال الزكاة دون الجنس الذي ليس بمال الزكاة فقوله استقرض لغير التجارة دليل انه لو استقرض للتجارة يصير للتجارة وقال بعضهم لا يصير للتجارة وان نوى لان القرض إعارة وهو تبرع لا تجارة فلم توجد نية التجارة مقارنة للتجارة فلا تعتبر ولو اشترى عروضا للبذلة والمهنة ثم نوى أن تكون للتجارة بعد ذلك لا تصير للتجارة ما لم يبعها فيكون بدلها للتجارة فرق بين هذا وبين ما إذا كان له مال التجارة فنوى أن يكون للبذلة حيث يخرج من أن يكون للتجارة وان لم يستعمله لأن النية لا تعتبر ما لم تتصل بالفعل وهو ليس بفاعل فعل التجارة فقد عزبت النية عن فعل التجارة فلا تعتبر للحال بخلاف ما إذا نوى الابتذال لأنه نوى ترك التجارة وهو تارك لها في الحال فاقترنت النية بعمل هو ترك التجارة فاعتبرت ونظير الفصلين السفر مع الإقامة وهو ان المقيم إذا نوى السفر لا يصير مسافرا ما لم يخرج عن عمران المصر والمسافر إذا نوى الإقامة في مكان صالح للإقامة يصير مقيما للحال ونظيرهما من غير هذا الجنس الكافر إذا نوى أن يسلم بعد شهر لا يصير مسلما للحال والمسلم إذا قصد ان يكفر بعد سنين والعياذ بالله فهو كافر للحال ولو أنه اشترى بهذه العروض التي اشتراها للابتذال بعد ذلك عروضا أخر تصير بدلها للتجارة بتلك النية السابقة وكذلك في الفصول التي ذكرنا انه نوى للتجارة في الوصية والقرض ومبادلة مال بما ليس بمال إذا اشترى بتلك العروض عروضا أخر صارت للتجارة لأن النية قد وجدت حقيقة الا انها لم تعمل للحال لأنها لم تصادف عمل التجارة فإذا وجدت التجارة بعد ذلك عملت النية السابقة عملها فيصير المال للتجارة لوجود نية التجارة مع التجارة وأما الدلالة فهي ان يشترى عينا من الأعيان بعرض التجارة أو يؤاجر داره التي للتجارة بعرض من العروض فيصير للتجارة وان لم ينو التجارة صريحا لأنه لما اشترى بمال التجارة فالظاهر أنه نوى به التجارة وأما الشراء بغير مال التجارة فلا يشكل واما إجارة الدار فلان بدل منافع عين معدة للتجارة كبدل عين معدة للتجارة في أنه للتجارة كذا ذكر في كتاب الزكاة من الأصل وذكر في الجامع ما يدل على أنه لا يكون للتجارة الا بالنية صريحا فإنه قال وإن كانت الأجرة جارية تساوى ألف درهم وكانت عند المستأجر للتجارة فاجر المؤجر داره بها وهو يريد التجارة شرط النية عند الإجارة لنصير الجارية للتجارة ولم يذكر ان الدار للتجارة أو لغير التجارة فهذا يدل على أن النية شرط ليصير بدل منافع الدار
(١٢)