الزكاة بالصوم وهو اعتبار صحيح لان السنة للزكاة كالشهر للصوم ثم الإفاقة في جزء من الشهر يكفي لوجوب صوم الشهر كذا الإفاقة في جزء من السنة تكفى لانعقاد الحول على المال وأما الذي يجن ويفيق فهو كالصحيح وهو بمنزلة النائم والمغمى عليه ومنها الحرية لان الملك من شرائط الوجوب لما نذكر والمملوك لا ملك له حتى لا تجب الزكاة على العبد وإن كان مأذونا له في التجارة لأنه ان لم يكن عليه دين فكسبه لمولاه وعلى المولى زكاته وإن كان عليه دين محيط بكسبه فالمولى لا يملك كسب عبده المأذون المديون عند أبي حنيفة فلا زكاة فيه على أحد وعند أبي يوسف ومحمد إن كان يملكه لكنه مشغول بالدين والمال المشغول بالدين لا يكون مال الزكاة وكذا المدبر وأم الولد لما قلنا وكذا لا زكاة على المكاتب في كسبه لأنه ليس ملكه حقيقة لقيام الرق فيه بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم المكاتب عبد ما بقي عليه درهم والعبد اسم للمرقوق والرق ينافي الملك وأما المستسعى فحكمه حكم المكاتب في قول أبي حنيفة وعندهما هو حر مديون فينظر إن كان فضل عن سعايته ما يبلغ نصابا تجب الزكاة عليه والا فلا ومنها أن لا يكون عليه دين مطالب به من جهة العباد عندنا فإن كان فإنه يمنع وجوب الزكاة بقدره حالا كان أو مؤجلا وعند الشافعي هذا ليس بشرط والدين لا يمنع وجوب الزكاة كيفما كان احتج الشافعي بعمومات الزكاة من غير فصل ولان سبب وجوب الزكاة ملك النصاب وشرطه أن يكون معد للتجارة أو للاسامة وقد وجد أما الملك فظاهر لان المديون مالك لماله لان دين الحر الصحيح يجب في ذمته ولا يتعلق بماله ولهذا يملك التصرف فيه كيف شاء وأما الاعداد للتجارة أو الأسامة فلان الدين لا ينافي ذلك والدليل عليه انه لا يمنع وجوب العشر (ولنا) ما روى عن عثمان رضي الله عنه انه خطب في شهر رمضان وقال في خطبته الا ان شهر زكاتكم قد حضر فمن كان له مال وعليه دين فليحسب ماله بما عليه ثم ليزك بقية ماله وكان بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليه أحد منهم فكان ذلك اجماعا منهم على أنه لا تجب الزكاة في القدر المشغول بالدين وبه تبين ان مال المديون خارج عن عمومات الزكاة ولأنه محتاج إلى هذا المال حاجة أصلية لان قضاء الدين من الحوائج الأصلية والمال المحتاج إليه حاجة أصلية لا يكون مال الزكاة لأنه لا يتحقق به الغنى ولا صدقة الا عن ظهر غنى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خرج الجواب عن قوله إنه وجد سبب الوجوب وشرطه لان صفة الغنى مع ذلك شرط ولا يتحقق مع الدين مع ما أن ملكه في النصاب ناقص بدليل ان لصاحب الدين إذا ظفر بجنس حقه أن يأخذه من غير قضاء ولا رضاء وعند الشافعي له ذلك في الجنس وخلاف الجنس وذا آية عدم الملك كما في الوديعة والمغصوب فلأن يكون دليل نقصان الملك أولى وأما العشر فقد روى ابن المبارك عن أبي حنيفة ان الدين يمنع وجوب العشر فيمنع على هذه الرواية وأما على ظاهر الرواية فلان العشر مؤنة الأرض النامية كالخراج فلا يعتبر فيه غنى المالك ولهذا لا يعتبر فيه أصل الملك عندنا حتى يجب في الأراضي الموقوفة وأرض المكاتب بخلاف الزكاة فإنه لا بد فيها من غنى المالك والغنى لا يجامع الدين وعلى هذا يخرج مهر المرأة فإنه يمنع وجوب الزكاة عندنا معجلا كان أو مؤجلا لأنها إذا طالبته يؤاخذ به وقال بعض مشايخنا ان المؤجل لا يمنع لأنه غير مطالب به عادة فأما المعجل فيطالب به عادة فيمنع وقال بعضهم إن كان الزوج على عزم من قضائه يمنع وان لم يكن على عزم القضاء لا يمنع لأنه لا يعده دينا وإنما يؤاخذ المرء بما عنده في الأحكام وذكر الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل البخاري في الإجارة الطويلة التي تعارفها أهل بخارى ان الزكاة في الأجرة المعجلة تجب على الآجر لأنه ملكه قبل الفسخ وإن كان يلحقه دين بعد الحول بالفسخ وقال بعض مشايخنا انه يجب على المستأجر أيضا لأنه يعد ذلك مالا موضوعا عند الآجر وقالوا في البيع الذي اعتاده أهل سمرقند وهو بيع الوفاء ان الزكاة على البائع في ثمنه ان بقي حولا لأنه ملكه وبعض مشايخنا قالوا يجب أن يلزم المشترى أيضا لأنه يعده مالا موضوعا عند البائع فيؤاخذ بما عنده وقالوا فيمن ضمن الدرك فاستحق المبيع انه إن كان في الحول يمنع لان المانع قارن الموجب فيمنع الوجوب فأما إذا استحق بعد الحول لا يسقط الزكاة لأنه دين حادث لان الوجوب مقتصر على حالة الاستحقاق وإن كان الضمان سببا حتى
(٦)